وروي عن سعيد بن أبي هلال أنه قال : بلغنا أن الصراط يوم القيامة وهو الجسر يكون على بعض الناس أدقّ من الشعرة ، وعلى بعضهم مثل الدار الواسع.
فيحتمل أن يكون لشدة مروره عليه وسقوطه عنه يشبه بذلك والله أعلم.
وأما ما قيل في رواية أنس من أن أعلى الجسر نحو جهنم ، ففيه بيان أن أسفله نحو طرف الأرض ، وذلك لما مضى بيانه من أن جهنم سافلة والجنة عالية.
ثم قال البيهقي : ثم قد قال بعض العلماء ان الكفّار لا يجاوزن على الصراط لأنهم في معدن النار ، فإذا خلص المؤمنون وخلصوا على الصراط ، انفرد الكفّار بمواقفهم ، وصار مواقفهم من النار.
قال غيرهم : إنهم يركبون الصراط ، ثم قد يكون أبواب جهنم فروجا في الجسر كأبواب السطوح ، فهم يقذفون منها في جهنم ليكون غمّهم أشدّ وأفظع ، وإلقاؤهم من الجسر أخوف وأهول ، وفرح المؤمنين بالخلاص أكثر وأعظم ، ولعل قول الله عزّ وجل : ( وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ) يكون في هذا الوقت.
وما في القرآن من قول الله عزّ وجل : ( كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ) ، وقوله : ( أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ) كالدليل على هذا ، لأن الإلقاء في الشيء أكثر ما يستعمل في الطّرح من علوّ إلى أسفل ، والله أعلم بكيفية ذلك.
وأما المنافقون فالأشبه أنهم يركبون الجسر مع المؤمنين ليمشوا في نورهم ، فيظلم الله عزّ وجل على المنافقين فيقولون للمؤمنين : ( انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً ).
فيرجعون إلى المكان الذي قسّم فيه النور على قدر إيمانهم وأعمالهم فلا يجدون شيئا ، فينصرفون وقد ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ) نصلي بصلاتكم ونغزوا مغازيكم ( قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ ).