وهذا يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما نفى عن أصحاب الشجرة دخول النار البقاء فيها ، أو دخولا يمسّهم منها أذى ، لا أصل الدخول ، ألا تراه احتج بقوله : ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا ).
[١٨٤] ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا محمد بن صالح بن هانئ والحسن بن يعقوب وإبراهيم بن عصمة قالوا : حدّثنا السري بن خزيمة ، حدّثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، حدّثنا عبد السلام بن حرب ، أخبرنا يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني ، حدّثنا المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة عن مسروق عن عبد الله قال : يجمع الله الناس يوم القيامة فينادي مناد : يا أيها الناس ألا ترضون من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وصوّركم أن يولي كل إنسان منكم إلى من كان يتولى في الدنيا : قال : فيتمثّل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويتمثّل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير ، حتى تتمثّل الشجرة والعود والحجر ، ويبقى أهل الإسلام جثوما ، فيقال لهم : ما لكم لم تنطقوا كما ينطق الناس؟ فيقولون : بيننا وبينه علامة إن رأيناه عرفناه ، قالوا : وما هي؟ قالوا : يكشف عن ساق ، قال : فيكشف عند ذلك عن ساق قال : فيخرّ ـ أظنه قال ـ من كان يعبده ساجدا ، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود قال : فلا يستطيعون ، ثم يؤمرون ، فيرفعون رءوسهم ، فيعطون نورهم على قدر أعمالهم ، قال : فمنهم من يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة وينطفئ مرة ، فإذا أضاء قدّم قدمه ، وإذا انطفأ قام ، قال : فيمرّون على الصراط كحد السيف دحض مزلّة ، فيقال لهم : امضوا على قدر نوركم ، فمنهم من يمرّ كانقضاض الكواكب ، ومنهم من يمرّ كالريح ، ومنهم من يمرّ كالطرف ، ومنهم من يمرّ كشدّ الرّحل ، ويرمل رملا ، فيمرّون على قدر أعمالهم ، حتى يمرّ الذي نوره على إبهام قدمه ، تخرّ يد ، وتعلّق يد ، وتخرّ رجل ، وتعلّق رجل ، وتصيب جوانبه النار ، قال : فيخلصون ، فإذا خلصوا قالوا : الحمد لله الذي نجّانا منك بعد أن أراناك ، لقد أعطانا الله ما لم يعط أحدا.
__________________
[١٨٤] نهاية البداية والنهاية ( ٢ / ٨٤ ). شعب الإيمان ( ٢ / ٢٦٥ ).