وفي رواية عبد الله بن مسعود : فيمرّون على قدر أعمالهم حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه تخرّ يد ، وتعلق يد ، وتخرّ رجل ، وتعلق رجل ، وتصيب جوانبه النار ، فيخلصون فإذا خلصوا قالوا : الحمد لله الذي نجّانا منك بعد الذي أراناك.
وذلك يبيّن ما قلناه في الورود أنه يحتمل أن يكون المراد به المرور على الصراط.
وذهب عبد الله بن عباس في أصح الروايتين عنه إلى أن المراد به الدخول.
فيكون ذلك ولوجا من غير مسّ نار وإصابة أذى كما روينا عن خالد بن معدان وهو من أكابر التابعين أنه قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة قالوا : يا رب ألم تعدنا أن نرد النار؟ قال : بلى ، مررتم وهي خامدة ، وروينا عن مقاتل بن سليمان أنه قال : يجعل الله النار على المؤمنين يومئذ بردا وسلاما كما جعلها على إبراهيم عليهالسلام.
وروى البيهقي عن جابر أنه قال : صمت إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « الورود الدخول : لا يبقى برّ ولا فاجر إلا دخلها ، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم عليهالسلام ، حتى إن للنار ـ أو قال ـ لجهنم ضجيجا من بردهم ، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيّا.
قال أبو عبيد : وإنما أراد تأويل قوله : ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها ) فيقول : وردوها ، ولم يصبهم من حرّها شيء إلا ليبرّ الله قسمه.
( قلت : قسم الله في قوله : ( فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ ) ، ثم قال : ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها ) ).
وروى البيهقي حديث حفصة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة الذين بايعوا تحتها ». قالت : بلى يا رسول الله ، فانتهرها ، فقالت حفصة : ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « فقد قال الله عزّ وجل : ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا ) ».