ساجدا. فيقال لي : يا محمد ارفع رأسك ، وقل يسمع لك ، وسل تعطه ، واشفع تشفّع. فأقول : أمّتي ، أمّتي. فيقال لي : انطلق فمن كان في قلبه ادنى أدنى أدنى من مثقال حبّة من خردل من إيمان فأخرجه من النار ، فأنطلق فأفعل. هذا حديث أنس الذي أنبأنا به.
فخرجنا من عنده ، فلما كنا بظهر الجبّان قلنا : لو ملنا إلى الحسن فسلمنا عليه وهو مستخف في دار أبي خليفة. قال : فدخلنا عليه فسلّمنا عليه فقلنا : يا أبا سعيد جئنا من عند أخيك أبي حمزة ، فلم نسمع مثل حديث حدّثناه في الشفاعة. قال : هيه ، فحدّثناه الحديث فقال : هيه ، قلنا : ما زادنا! قال : قد حدّثنا به منذ عشرين سنة وهو يومئذ جميع (٣) ، ولقد ترك شيئا ما أدري أنسي الشيخ أو كره أن يحدّثكم فتتكلوا. قلنا له : حدّثنا. فضحك وقال : خلق الإنسان من عجل. ما ذكرت لكم هذا إلا وأنا أريد أن أحدثكموه : « ثم أرجع إلى ربي في الرابعة فاحمده بتلك المحامد ، ثم أخرّ له ساجدا فيقال لي : يا محمد ارفع رأسك ، وقل يسمع لك ، وسل تعط ، واشفع تشفّع. فأقول : يا رب ائذن لي فيمن قال : لا إله إلاّ الله. قال : ليس ذاك لك ، ولكن وعزّتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأخرجنّ من قال : لا إله إلاّ الله ».
قال : فأشهد على الحسن أنه حدّثنا به أنه سمع أنس بن مالك ، أراه قال : قبل عشرين سنة ، وهو يومئذ جميع (٤).
[٢٥١] ـ أخبرنا ابو الحسن علي بن محمد المقري ، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، حدّثنا يوسف بن يعقوب ، حدّثنا محمد بن أبي بكر ، حدّثنا معتمر بن
__________________
(٣) قال الحافظ في الفتح ( ١١ / ٤٠٦ ) : أي مجتمع العقل ، وهو إشارة إلى أنه كان حينئذ لم يدخل في الكبر الذي هو مظنّة تفرّق الذهن وحدوث اختلال الحفظ.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التوحيد : باب كلام الرب عزّ وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم. من طريق سليمان بن حرب عن حمّاد بن زيد.
وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإيمان : باب ادنى أهل الجنة منزلة فيها.
[٢٥١] شعب الإيمان ( ٢ / ١١١ ـ ١٤٤ ).