باب ما جاء في خروج الدجّال ونزول عيسى ابن مريم
[٢٨] ـ عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن يحيى بن جابر قاضي حمص ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، أنه سمع النواس بن سمعان يقول : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجّال ذات يوم فخفّض فيه ورفّع (١) ، حتى ظننا أنه في ناحية النخل. قال : « غير الدجّال أخوفني عليكم ، فإن خرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم ، وإن يخرج ولست فيكم فكل امرئ حجيج نفسه ، والله خليفتي على كل مسلم ، إنه شاب جعد قطط عينه طافئة ، وإنه يخرج خلّة (٢) بين الشام والعراق ، فعاث يمينا وشمالا ، يا عباد الله اثبتوا » ، قلنا : يا رسول الله ما لبثه في الأرض؟ قال : « أربعون يوما ، يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة ، وسائر الأيام كأيامكم ». قلنا : يا رسول الله فذلك اليوم الذي هو كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال : « لا ، اقدروا له قدره » ، قلنا : يا رسول الله ما أسرعه في الأرض؟
قال : « كالغيث يشتد به الريح ، فيمر بالحيّ فيدعوهم فيستجيبون له ، فيأمر السماء فتمطر ، والأرض فتنبت ، وتروح عليهم سارحتهم وهي أطول ما كان ذرّا ، وأمدّه
__________________
[٢٨] الدرّ المنثور ( ٥ / ٦٧٥ ). الاعتقاد للبيهقي ص ـ ١٤٣.
(١) قال النووي في شرح مسلم ( ١٨ / ٦٣ ). في معناه قولان أحدهما أنّ خفّض بمعنى حقر ، وقوله رفّع أي عظمه وفخمه فمن تحقيره وهوانه على الله تعالى عوره ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : « هو أهون على الله من ذلك » ، وأنه لا يقدر على قتل أحد إلا ذلك الرجل ثم يعجز عنه ، وأنه يضمحل أمره بعد ذلك هو وأتباعه. ومن تفخيمه وتعظيم فتنته والمحنة به هذه الأمور الخارقة للعادة ، وأنه ما من نبي إلا وقد أنذره قومه. والوجه الثاني أنه خفّض من صوته في حال الكثرة فيما تكلم فيه فخفّض بعد طول الكلام والتعب ليستريح ثم رفع ليبلغ صوته كل أحد.
(٢) خلّة : ما بين البلدين.