سفينة لهم فانكسرت بهم ، فركب بعضهم على لوح من ألواح السفينة فخرجوا إلى جزيرة في البحر ، فإذا هم بامرأة شعثة سوداء لها شعر منكر ، فقالوا : ما أنت؟ قالت : أنا الجسّاسة ، قالت : أتعجبون مني؟ قالوا : نعم ، قالت : فادخلوا القصر. قال : فدخلوه فإذا هم بشيخ مربوط بسلاسل. فسألهم من هم ، فأخبروه فقال لهم : ما فعلت عين زعر؟ وما فعلت البحيرة ، ونخلات بيسان ، فأخبروه ، فقال : والذي يحلف به لا يبقى أرض إلا وطئتها إلا طيبة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهذه طيبة » (١).
قال الشيخ : فيه أن الدجّال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان عير ابن صياد ، وكان ابن صياد أحد الدجّالين الكذّابين الذين أخبر صلى الله عليه وسلم بخروجهم ، وقد خرج أكثرهم ، وكأن الذين يجزمون بأن ابن صياد هو الدجّال لم يسمعوا بقصة تميم ، وإلا فالجمع بينهما بعيد جدا إذ كيف يلتئم أن يكون من كان في أثناء الحياة النبوية شبه المحتلم ويجتمع به النبي صلى الله عليه وسلم ويسأله ، أن يكون في آخرها شيخا كبيرا مسجونا في جزيرة من جزائر البحر موثقا بالحديد يستفهم عن خبر النبي صلى الله عليه وسلم هل خرج أو لا ، فالأولى أن يحمل على عدم الاطّلاع ، أما عمر فيحتمل أن يكون ذلك منه قبل أن يسمع قصة تميم ، ثم لما سمعها لم يعد إلى الحلف المذكور ، وأما جابر فشهد حلفه عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستصحب ما كان اطّلع عليه من عمر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم (٢).
__________________
(١) أخرج مسلم في صحيحه صدره كتاب الفتن وأشراط الساعة : باب قصة الجساسة. من طريق أبي بكر بن إسحاق عن يحيى بن بكير.
وأخرجه الطبراني في الكبير ( ٢٤ / ٣٩٥ ـ ٣٩٦ ) قال : حدّثنا أبو الزنباع روح بن الفرج وعمرو بن أبي الطاهر وإسحاق بن إبراهيم القطّان المصريون قالوا : حدثنا يحيى بن بكير.
وأخرجه ابن منده في كتاب الإيمان ( ٢ / ٩٥٥ ) قال : أخبرنا حمزة بن محمد أبو القاسم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن جابر المصري ، ( ح ) وأخبرنا أحمد بن إسحاق بن أيوب وغير واحد ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد قالا : حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير.
قال في الفتح : وسندها صحيح.
(٢) فتح الباري ( ١٣ / ٢٧٨ ).