الجنة (٣) ، قال : ثم ينادى لمحمد فيفجر له الحوض ، وهو ما بين أيلة إلى مكة ، قال : فيشرب ويغتسل وقد تقطعت أعناق الخلائق يومئذ من العطش ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فأكسى من حلل الجنة فأقوم عن ـ أو ـ على يمين الكرسي ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام يومئذ غيري ، فيقال : سل تعط ، واشفع تشفع ».
فقام رجل فقال : أترجو لوالديك شيئا؟ فقال : « إني شافع لهما أعطيت أو منعت ، ولا أرجو لهما شيئا ».
قال الشيخ : قد يكون هذا قبل نزول الوحي بالنهي عن الاستغفار للمشركين والصلاة على المنافقين.
__________________
استظلّ بظل عرش الرحمن.
فعلى هذا يكون الحشر على ثلاثة أحوال :
١ ـ قسم طاعمون كاسون راكبون وهم الأتقياء.
٢ ـ وقسم حفاة عراة وهم المسلمون من أهل الكبائر.
٣ ـ وقسم يحشرون يجرّون على وجوههم وهم الكفّار.
(٢) قلت ليس المراد من قوله اكسوا أنه كان عاريا ، بل هو كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح ( ١١ / ٣٢٣ ) أن النبي يخرج من قبره في ثيابه التي مات فيها ، والحلّة التي يكساها حينئذ من حلل الجنّة خلعة الكرامة.
(٣) قال القرطبي في التذكرة ص ـ ٢٥٤ فصل ، وقد تكلم العلماء في حكمة تقديم إبراهيم عليهالسلام بالكسوة ، فروي أنه لم يكن في الأوّلين والآخرين لله عزّ وجل عبد أخوف من إبراهيم عليهالسلام ، فتعجّل له كسوته أمانا ليطمئنّ قلبه.
ويحتمل أن يكون لما جاء به الحديث من أنه أول من أمر بلبس السراويل إذا صلى مبالغة في الستر وحفظا لفرجه من أن يماسّ مصلاّه ، ففعل ما أمر به فيجزى بذلك أن يكون أول من يستر يوم القيامة.
ويحتمل أن يكون الذين ألقوه في النار جرّدوه ونزعوا عنه ثيابه على أعين الناس كما يفعل بمن يراد قتله ، وكان ما أصابه من ذلك في ذات الله عزّ وجل ، فلما صبر واحتسب وتوكل على الله تعالى دفع الله عنه شرّ النار في الدنيا والآخرة وجزاه بذلك العرى أن جعله أول من يدفع عنه العرى يوم القيامة على رءوس الأشهاد وهذا أحسنها.
والله أعلم.
وإذا بدئ في الكسوة بإبراهيم وثنّى بمحمد صلى الله عليه وسلم أوتي محمد بحلّة لا يقوم لها البشر لينجبر بنفاسة الكسوة ، فيكون كأنه كسي مع إبراهيم عليهماالسلام.
والحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الأهوال ، حدّثنا إسماعيل بن عبيد بن عمر بن أبي كريمة ، حدّثني محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم ، حدّثني زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره كما في نهاية البداية والنهاية ( ٢ / ١٧١ ـ ١٧٢ ).