طلحة ، عن ابن عبّاس ( فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ) (١) ، ثم قال : ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ ) (٢) قال : لا يسألهم هل عملهم كذا وكذا ، لأنه أعلم منهم بذلك ، ولكن يقول : لم عملتم كذا وكذا (٣).
[١٥٨] ـ أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أنا أبو الحسن الطرائفي ، حدثنا عثمان بن سعيد ، حدثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ( فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ) قال :
__________________
(١) الحجر : ٩٢ / ٩٣.
(٢) الرحمن : ٣٩.
(٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ( ١٤ / ٤٦ ).
وأخرجه ابن أبي حاتم أيضا ، كما في الدرّ.
قال البيهقي في الشعب ( ٢ / ٥٢ ) من زعم أن الكافرين غير مخاطبين بشرائع الإسلام زعم أنهم لا يسألون عمّا يعملون مما كانت مللهم تقتضيه ، وإن كان في الإسلام ذنبا ، ويسألون عن الله وعن رسله صلوات الله عليهم وعن الإيمان في الجملة وما نقلناه عن أهل التفسير أصح.
قلت : قوله : وما نقلناه عن أهل التفسير أصحّ هو هذا الحديث الذي عن ابن عباس. ثم روى في الشعب في هذه الآية عن مجاهد قال : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي ، حدّثنا إبراهيم بن الحسين ، حدّثنا آدم ، حدّثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ ) قال : يقول : لا تسأل الملائكة عن المجرم إنسا ولا جانا ، يقول : يعرفون بسيماهم. انتهى.
قلت : وأظن أن البيهقي قد أخرج هذا الحديث في البعث ، لكن لم أجد من عزاه إليه فلم أورده. وكذا الحديث الذي رواه أيضا في شعب الإيمان قال : أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق ، حدّثنا عبد الخالق بن الحسن ، أخبرنا عبد الله بن ثابت ، أخبرني أبي ، عن الهذيل عن مقاتل في قوله : ( وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ) ، يقول : لا يسأل مجرمو هذه الأمة عن ذنوب الأمم الماضية الذين عذّبوا في الدنيا ، فإن الله تعالى قد أحصى أعمالهم الخبيثة وعلمها.
وكذا الحديث الذي رواه أيضا في الشعب قال : أخبرنا أبو عبد الرحمن الدهان ، أخبرنا الحسين بن محمد بن مروان ، أخبرنا اللبّاد ، حدّثنا يوسف بن بلال ، حدّثنا محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله : ( وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ) يقول : لا يسأل كافر عن ذنبه ، كلّ كافر معروف بسيماه. وفي قوله : ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ ) يعني يوم تشقّق السماء وتكوّر ، لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ، وذلك عند الفراغ من الحساب ، وكلّ معروف : ( يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ ) وأما الكافر فبسواد وجهه وزرقة عينيه ، وأما المؤمن فأغرّ محجّل من أثر الوضوء.
[١٥٨] الدرّ المنثور ( ٣ / ٤١٤ ). إتحاف السادة المتّقين ( ١٠ / ٤٤٦ ). البدور السافرة ص ـ ٥٨.