فالمؤمن حقاً هو الواثق بالله تعالىٰ وحكمته المستسلم لقضائه ، والمتقبل لما يجيء به قدر الله في اطمئنان أياً كان.
روى الصدوق ; بسنده عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه لقي في بعض أسفاره ركب فقال : « ما أنتم ؟ قالوا : نحن مؤمنون ، قال : فما حقيقة إيمانكم ؟ قالوا : الرّضا بقضاء الله والتسليم لأمر الله والتفويض إلىٰ الله تعالىٰ فقال : علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء ، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون ، ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتّقوا الله الذي إليه ترجعون » (١).
فالرِّضا بقضاء الله والتسليم لأمره من أعلىٰ مظاهر الإيمان وهما من أبرز الخصال التي يتصف بها الأنبياء ، ومن يتمسك بها يرتقي إلىٰ قمة الهرم الإيماني ويكون قد حصل علىٰ لباب العلم وجوهر الحكمة.
وفي هذا الصدد قيل لأبي عبدالله عليهالسلام بأي شيء يعلم المؤمن أنّه مؤمن ؟ قال عليهالسلام : « بالتسليم لله والرِّضا بما ورد عليه من سرور أو سخط » (٢).
ثانياً : الحب في الله والبغض في الله : وهو من أبرز المظاهر العاطفية التي تعكس حقيقة الإيمان ، فحينما يؤثر الإنسان ـ علىٰ ما يحبه ويهواه ـ ما يحبه الله تعالىٰ ويرضاه ، وحينما يكون غضبه للّه لا لمصلحته الخاصة ، فلا شك أنّ هذا الشعور العاطفي العالي يكون مصداقاً جلياً علىٰ عمق إيمانه ومصداقيته. ولذا ورد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا يجد العبد حقيقة الإيمان حتىٰ يغضب لله ، ويرضىٰ لله ، فإذا فعل ذلك فقد استحق حقيقة
______________
١) معاني الاخبار ، للصدوق : ١٨٧ باب معنى الإسلام والإيمان.
٢) اُصول الكافي ٢ : ٦٢ / ١٢ كتاب الإيمان والكفر.