الفصل الرابع
أثر الإيمان والكفر علىٰ الفرد والمجتمع
إنَّ الإيمان بالله تعالىٰ هو منبع الفضائل ، كما أنّ الكفر به هو مصدر الرذائل كلّها. فبينما كان الفرد مدَّنساً بالشرك ، وعبداً لأهوائه ولأصنامه الموهومة وللقوىٰ الإجتماعية المتنفذة ، أصبح ببركة الإيمان مطهراً من الشرك وسيداً علىٰ نفسه ووجد طريقاً للخلاص من جاهليته في الاعتقاد والسلوك. وبينما كان المجتمع الجاهلي ممزقاً وفاقداً للعدالة غدا بفضل عقيدة التوحيد قوياً موحداً يرتكز علىٰ قواعد الحق والعدل.
ومن الشواهد التي تعكس لنا النَّقلة
الحضارية الكبرىٰ التي أحدثها الإيمان علىٰ صعيد الفرد والمجتمع ما قاله جعفر بن أبي طالب قدسسره
للنجاشي ملك الحبشة لمّا سأله الأخير عن سبب هجرتهم ومفارقتهم دين قومهم ، فأجابه قائلاً : « أيُّها الملك ، كنّا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ،
ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القويُّ منّا الضعيف ، فكنّا علىٰ ذلك حتىٰ بعث الله إلينا رسولاً
منّا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلىٰ الله لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كنّا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق