رسوله شعيب عليهالسلام فدعاهم إلىٰ عبادة الله وحده ، ونهاهم عن تعاطي هذه الافعال القبيحة وأمرهم بالعدل وحذرهم من عاقبة الظلم ، ولكن القوم أصروا علىٰ باطلهم وقابلوه بالاستهزاء والتهكم ( قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ.. ) (١).
وهذه النفسية المعقدة سببت لهم ضياع فرص الهداية إلىٰ الأبد إذ كلّما سمعوا كلاما فسروه تفسيراً سلبياً واستهزؤا به.
ويصف لنا تعالىٰ حالة التذبذب والنفاق التي يعيشها هؤلاء بقوله الكريم : ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ) (٢).
٦ ـ الغرور والاستكبار :
إنَّ من عادة الكفّار الاغترار بقدرتهم وقوتهم مع المكابرة عن قبول الحق ، سادرين في غيهم ، لاهين في غفلتهم ، متناسين أو ناسين سخط الله القوي عليهم حتىٰ لكأنهم يظنون أنّ قوتهم لا تضمحل وسطوتهم لا تزول ، وقد سخر القرآن الكريم من ذلك التعجرف والغرور وسفّه أحلام هؤلاء الجهلاء قائلاً : ( أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَٰنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ) (٣). ولهذا ، نراهم عندما يحاول المؤمنون أن يبرهنوا لهم عن قصور هذه الرؤية ، وأنّ معادلات القوة ليست ثابتة ، تأخذهم العزّة بالإثم ، فيتجهون للعناد والشقاق ، قال تعالىٰ : ( بَلِ الَّذِينَ
______________
١) سورة هود ١١ : ٨٧.
٢) سورة البقرة ٢ : ١٤.
٣) سورة الملك ٦٧ : ٢٠.