كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ) (١).
ومن الأمثال الرائعة التي ضربها القرآن الكريم في هذا المجال قصة صاحب الجنتين ، الذي كان كافراً غنياً قد أبطرته النعمة ، فأخذ يحاور صاحبه المؤمن الفقير مفتخراً عليه بأمواله وكثرة أعوانه. وما سرده الله من تحاورهما يصوّر للإنسان بأجلىٰ بيان كيف ينفخ الشيطان في اُنوف أصحاب المال ويطغيهم حتىٰ يلقيهم في مهاوي الهلكة. وكيف يعلو الإيمان بنفس صاحبه.. ويجعل له حسن العاقبة في الدارين (٢).
قال تعالىٰ : ( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَّٰكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا... وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا.. ) (٣).
______________
١) سورة ص ٣٨ : ٢.
٢) الامثال في القرآن ، للدكتور محمود بن الشريف : ١٠٥ دار مكتبة الهلال ـ بيروت ط ٥.
٣) سورة الكهف ١٨ : ٣٢ ـ ٤٣.