المقدِّمة
الحمدُ لله الذي حبَّبَ الإيمان لعباده ، وزيّنَهُ في قلوبهم ، وكَرَّهَ إليهم الكُفر والفُسوقَ والعصيانَ. والصلاة والسلام علىٰ منار المؤمنين وقبلتهم ومبير الكافرين وأعوانهم أبي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وبعد..
لا يخفىٰ أنَّ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله هو ذروة العقيدة الحقّة وسنام الدين الأعلىٰ ، مما ينبغي علىٰ المسلمين في كل عصر وجيل أن يكون ( الإيمان ) هو المقياس الحقيقي للتفاضل بينهم بعيداً عن جميع الاعتبارات الاُخرىٰ التي لم يعطها كتاب الله العزيز قيمة ولا وزناً ، وهو ليس شعاراً يرفعه من يشاء ، وإنما هو سلوك وأدب وخلق وممارسة تتجسد في حياة الفرد بالحرص الشديد علىٰ بغض كل شر وحب كل خير وبثه.
وإذا كان كل مولود يولد مؤمناً علىٰ الفطرة وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، فإنّ هذا المبدأ الاستعدادي للإيمان منذ الوهلة الاُولىٰ لكلِّ مولود جديد غير كافٍ للوصول إلىٰ الغاية الواضحة التي رسمها القرآن الكريم للإيمان ما لم يقترن ذلك الاستعداد بتربية صحيحة وتوجيه سديد وتعليم متقن ، وإلاّ فلا بدَّ من اهتزاز المثل الإيمانية الرفيعة التي تؤدي إلىٰ انحسار الإيمان الحق شيئاً فشيئاً إلىٰ أن ينسحب ظله من النفوس لا قدّر الله.