فقطع النزاع كما حكاه القرآن الكريم : ( .. إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ) (١). فقد استخدمت هذه المرأة ضد يوسف عليهالسلام سلاح الكذب والافتراء ولكن الله صرف عنه السوء والفحشاء.
ولا شكَّ أنّ الأنبياء عليهمالسلام منزّهون عن القبائح كلّها ورأسها الكذب.
٥ ـ السخرية والاستهزاء بالآخرين :
ولما كان الكافر جاهلاً يعجز ـ عادة ـ عن الرد علىٰ أهل الإيمان بالحجة والبرهان ، يعبر عن عجزه هذا بالاستهزاء بهم والسخرية منهم ، يقول تعالىٰ : ( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا.. ) (٢). وهذه أحد علامات الكفّار في كلِّ زمان ومكان ، يسخرون من المصلحين ويتهمونهم بالجهل والتخلف وعدم المسايرة لروح العصر !
فعلىٰ سبيل المثال ، لما أمر الله نوحاً أن يصنع السفينة ، كان تحوله من داعٍ إلىٰ الله إلىٰ نجّار سبباً في تعجب الكفّار فجعلوا من هذا الأمر مادةً للسخرية والتندّر عليه .. ( وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ) (٣).
وكان أهل مدين لا يؤمنون بالله ويعبدون سواه وكانوا من أسوأ الناس معاملة ينقصون الكيل والميزان إذا باعوا ، فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو
______________
١) سورة يوسف ١٢ : ٢٦ ـ ٢٨.
٢) سورة البقرة ٢ : ٢١٢.
٣) سورة هود ١١ : ٣٨.