المؤمن علىٰ كلِّ طبيعة إلاّ الخيانة » (١).
ولا بدَّ من التنويه علىٰ أنّ المؤمن قد يكذب ولكن بداعي الصلاح أما الكافر فيكذب بداعي الفساد وشتان ما بين الداعيين ، وقد أحب الله تعالىٰ الكذب في الصلاح ، جاء في وصية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للإمام علي عليهالسلام : « .. يا علي إنَّ الله عزَّ وجلَّ أحبَّ الكذب في الصلاح وأبغض الصدق في الفساد » (٢). وقال له أيضاً : « يا علي : ثلاث يحسن فيهنَّ الكذب : المكيدة في الحرب ، وعِدتك زوجتك ، والاصلاح بين الناس.. » (٣). فالكافر إذن يتصف بالكذب ، وهو عندما يواجهه المؤمن بالبرهان الذي يكشف عن زيف دعواه ، تستبد به الحيرة ويتملكه الاضطراب فيتهم المؤمن بالكذب ! ومن الشواهد القرآنية علىٰ هذا المنحىٰ المنحرف ، موقف أهل مدين من دعوة شعيب وما سبقه من الرسل فقد : ( كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ .. قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ) (٤).
ومن الشواهد القرآنية الاُخرىٰ الدالة علىٰ تكذيب الكاذب للمؤمن ما قصّه الله تعالىٰ من كذب زليخا امرأة العزيز علىٰ يوسف عليهالسلام عندما راودته عن نفسه وعرضت عليه مفاتنها ، ولما استعصم قذفته كذباً وزوراً ، ولكن يوسف دفع التهمة عن ساحته ، وقيّض الله تعالىٰ له حكما من أهلها
______________
١) الاختصاص : ٢٣١.
٢) مكارم الاخلاق ، للطبرسي : ٤٣٣.
٣) المصدر السابق : ٤٣٧.
٤) سورة الشعراء ٢٦ : ١٧٦ ـ ١٨٦.