فالإيمان ـ إذن ـ أشبه بمانعة الصواعق تفرّغ كل ما في الإنسان من شحنات القلق والخوف والاضطراب ، فتمنحه الصحة النفسية والجسدية معاً. وقد أثبت علم النفس أنّ : « الإنسان حين يغشاه انفعال كالخوف أو الحزن أو الغضب ، فإنّ هذه التأثيرات الوجدانية والانفعالية تصحبها تغيرات أو اضطرابات جسمية وفسيولوجية قد تكون بالغة الخطورة إن أزمن الانفعال. فقد اتّضح أنّ القلق المزمن الموصول قد يؤدي إلىٰ ظهور قرحة في المعدة أو الاثني عشر ، وأنّ الكراهة المكظومة لمدة طويلة قد تؤدي إلىٰ ارتفاع في ضغط الدم.. » (١).
أضف إلىٰ ذلك أنّ الإيمان يؤدي إلىٰ الأُنس والراحة النفسية فيبدد بذلك الشعور بالعزلة ومن خطبةٍ لأمير المؤمنين عليهالسلام قال فيها : « اللهمَّ إنَّك آنسُ الآنسين لأوليائك... إن أوحشتهم الغُربةُ آنسهُم ذكرُكَ ، وإن صُبَّت عليهم المصائب لجؤوا إلىٰ الاستجارة بك ، علماً بأنَّ أزمّة الاُمور بيدك.. » (٢).
رابعاً : أثره في تكوين شخصية المؤمن :
الإيمان يشكّل محطة إنطلاق أمام الإنسان إلىٰ ذرىٰ المجد والرفعة لكونه يزوده بالقيم والمثل ، ويساعده علىٰ ضبط نفسه وجوارحه ويجعله يقبض بإحكام علىٰ الدَّفة الموجهة لمساره ، فيسير بخطىٰ ثابتة حتىٰ يبلغ قمة الرُّقي والرِّفعة : « قيل للقمان عليهالسلام : ألست عبد آل فلان ؟ قال : بلىٰ ، قيل : فما بلغ بك ما نرىٰ ؟ قال : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك
______________
١) اُصول علم النفس ، للدكتور أحمد عزت راجح : ١٢.
٢) نهج البلاغة ، ضبط صبحي الصالح : ٣٤٩ / خطبة ٢٢٧.