للكفر منازل ودرجات ، فمن الكفار من يسد منافذ العقل والبصيرة التي منحها الله تعالىٰ له ، ويتمسك بقوة بمتبنياته العقيدية الباطلة كما هو حال الإنسان الجاهلي الذي تمسك بالاصنام التي صنعها بيده من الحجر أو التمر ! كما تمسك بظنونه بقوىٰ الجن والسحر ، وشبَّ علىٰ شهواته لاهياً عما يصير إليه ، قال تعالىٰ : ( .. وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ) (١). ومن الكفار من يؤمن بالله تعالىٰ ولكن يشترون بآيات الله ثمنا قليلاً ، ويلبسون الحق بالباطل ويبادرون الكفر بما جاء به خاتم الرسل صلىاللهعليهوآلهوسلم كحال بني إسرائيل الذين بلغت قلوبهم درجة التحجر ، لذلك خاطبهم تعالىٰ مستنكرا : ( .. أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ ) (٢).
وهناك فريق من المسلمين قد يتسافل فيصل إلىٰ أقرب المنازل من الكفر وإن لم يسمَّ كافراً ، وذلك في الحالات التالية :
أولاً : التعصب للبدع : وذلك عندما يبتدع شيئاً مخالفاً لقواعد الشرع ومتبنياته ، فيتعصب لما إبتدعه ويعتبره من المسلمات التي لا تقبل نقاشاً ولا جدلاً ، ومن الشواهد الدالة علىٰ هذا النمط ، ما ورد عن الحلبي قال : قلتُ لأبي عبدالله عليهالسلام ما أدنىٰ ما يكون به العبد كافرا ؟ قال : « أن يبتدع به
______________
١) سورة محمد ٤٧ : ١٢.
٢) سورة البقرة ٢ : ٨٧ ـ ٨٨.