وعن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « كان بالمدينة رجل بطّال يضحك الناس منه ، فقال : قد أعياني هذا الرجل أن أضحكه يعني علي بن الحسين عليهماالسلام قال : فمرَّ علي عليهالسلام وخلفه موليان له فجاء الرجل حتىٰ انتزع ردائه من رقبته ثم مضىٰ لم يلتفت إليه علي عليهالسلام فاتبعوه وأخذوا الرداء منه فجاؤا به فطرحوه عليه ، فقال لهم من هذا ، فقالوا له هذا رجل بطّال يضحك أهل المدينة ، فقال عليهالسلام : قولوا له إنَّ لله يوماً يخسر فيه المبطلون » (١).
٤ ـ قوة الإرادة : وهي من علامات المؤمن الرئيسية التي يتمكن من خلالها من كبح شهواته والسيطرة علىٰ غرائزه ، فالإنسان بلا إرادة كالسفينة بلا بوصلة سرعان ما تنحرف عن المسير فالإرادة هي الخيط المتين الذي يكبح جموح النفس ويمكّنها من السيطرة علىٰ رغباتها. فمن يفتقد الإرادة ـ إذن ـ يكون حاله كقارب تمزقت حبال مرساته في بحر هائج مائج !
وهنا يبدو من الضروري بمكان الإشارة الاجمالية إلىٰ علائم نفسية أُخرىٰ تميز المؤمن عن غيره قد تنكشف لنا من خلال نظرته الواعية لمن حوله وما حوله ، كما قد تظهر أيضاً في طبيعة صمته وذكره أو سرعة رضاه وعفوه عمن أساء إليه ، كما قد ننتهي إليها من نيته وما يضمره من الخير للغير ، ويجمع هذه الاُمور ما ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « إنَّ المؤمن إذا نظر اعتبر ، وإذا سكت تذكّر ، وإذا تكلّم ذكر ، وإذا استغنىٰ شكر. وإذا أصابته شدّة صبر ، فهو ربيب الرضىٰ بعيد السخط ، يرضيه عن الله اليسير ، ولا يسخطه الكثير ولا يبلغ بنّيته إرادته في الخير ، ينوي كثيراً في الخير
______________
١) المصدر السابق : ١٨٣ / ٦.