فيما يراد بالمرتبة الثانية من الإيمان ما هو فوق التصديق من الاقرار باللسان والعمل بالاركان ، أي التزام مبادىء الشريعة الإسلامية وأحكامها ، من أداء الواجبات والعمل بالطاعات وتجنب المنكرات والشبهات ، وهذا هو الايمان الممدوح في القرآن والسُنّة.
وهذه المرتبة الاخيرة من الايمان هي التي ستكون محل الاهتمام في هذا الكتاب ، دون المرتبة الاُولىٰ.
إنَّ حقيقة الإيمان في هذا الوجود هي أكبر وأكرم الحقائق. لم تدركها النفوس عن طريق دائرة الحس الضيقة ، فليست هي بحقيقة مادية تُدرك بالحواس المعروفة ولكن هي حقيقة معنوية علوية تدركها القلوب السليمة ، فتأخذ النفوس من أقطارها ، وتظهر ثمارها الطيبة نظافة في الشعور ورفعةً في الأخلاق واستقامة في السلوك.
تلك الحقيقة التي تتجسد في نفوس المؤمنين من خلال مظاهر عديدة ، يمكن الاشارة إلىٰ أبرزها اهتداءً بقبس من نور النبوة وحماة منهجها ، وهي :
أولاً : التسليم لله تعالىٰ والرِّضا بقضائه : يقول الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنَّ لكلِّ شيء حقيقةً وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتىٰ يعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه » (١).
______________
١) كنز العمال ١ : ٢٥ / ١٢.