به إذعانُ النَّفس للحقِّ علىٰ سبيل التصديق وذلك باجتماع ثلاثة أشياء : تحقيقٌ بالقلب ، وإقرار باللِّسان ، وعمل بحسب ذلك بالجوارح ، وعلىٰ هذا قوله : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ) (١).
وإن قال قائل : إنَّ الله سبحانه قال : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ) (٢) والعطف دليل التغاير ، ومعنىٰ هذا أنَّ العمل ليس جزءاً في مفهوم الإيمان. قلنا في جوابه : المراد بالإيمان هنا مجرَّد التصديق تماماً كقوله تعالىٰ حكاية عن إخوة يوسف : ( وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ) (٣) أمّا أكمل الإيمان فهو أن يعمل حامله بموجب إيمانه ، ويؤثره علىٰ ميوله وأهوائه ويتجشم الصعاب من أجله لا لشيء إلاّ طاعة لأمر الله (٤).
وصفوة القول إنّ الإيمان برنامج حياة كامل ، لا مجرد نية تُعقد بالقلب ، أو كلمة تقال باللِّسان بلا رصيد من العمل الايجابي المثمر.
ونخلص إلىٰ القول بأنّ للايمان مرتبتين ، تعني الاُولىٰ منهما : التصديق بقول « لا إله إلاّ الله محمد رسول الله » وهذا هو الحد الأدنىٰ من الايمان ، وهو الايمان بمعناه الأعم الذي يصدق علىٰ كل من دخل في دين الإسلام مقراً بالله وبنبوة سيدنا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
______________
١) مفردات ألفاظ القرآن ، للراغب الاصفهاني : ٢٦ المكتبة المرتضوية. والآية من سورة الحديد ٥٧ : ١٩.
٢) سورة البقرة ٢ : ٨٢.
٣) سورة يوسف ١٢ : ١٧.
٤) في ظلال الصحيفة السجادية ، للشيخ محمد جواد مغنية : ١٨١.