البرهان الثالث : ما يظهر من الميرزا في ( أجود التقريرات ) حيث قال ما حاصله :
إنّ أخذ قصد امتثال الأمر قيدا في متعلّق الأمر يلزم منه الدور والتهافت في عالم اللحاظ.
وتوضيحه : أنّ متعلّق الأمر هو ما يكون الأمر داعيا إلى إيجاده وتحقيقه ، ومتعلّق المتعلّق هو الموضوع وهذا لا يكون الأمر داعيا إلى إيجاده ، بل يؤخذ مفروض الوجود وهذا هو الموضوع.
ثمّ إنّ القيود المأخوذة في الوجوب لا يجب تحصيلها ؛ لأنّها فوق الوجوب وهو موقوف عليها فلا يدعو إليها ؛ لأنّه معدوم قبل وجودها بخلاف قيود الواجب فإنّه يجب تحصيلها ؛ لأنّ الوجوب الثابت هو الذي يدعو لإيجادها.
وعليه ، فقيود الواجب لا بدّ أن تكون اختياريّة للمكلّف ، وإلا لكان من التكليف بغير المقدور ؛ لأنّه مسئول عنها ولا يمكن تكليفه بغير المقدور بخلاف قيود الوجوب فإنّها قد تكون اختياريّة أو غير اختياريّة على حدّ سواء ؛ لأنّ المكلّف ليس مسئولا عنها. ومن هنا إذا كان القيد الراجع للواجب غير اختياري فلا بدّ من إرجاعه إلى الوجوب أيضا ، وإلا لزم المحذور.
وفي مقامنا نقول : إنّ أخذ قيد قصد امتثال الأمر إن كان راجعا إلى المتعلّق والمفروض أنّ المتعلّق يجب إيجاده وتحصيله ؛ لأنّ الوجوب والأمر يدعو إلى إيجاده فيلزم أن يكون الأمر والوجوب داعيا إلى إيجاد قصد امتثال الأمر.
ولمّا كان قصد امتثال الأمر لا يمكن أن يتحقّق إلا بعد ثبوت الأمر ، بحيث إنّ الأمر يوجد أوّلا ثمّ يقصد امتثاله ، فهذا معناه أنّ الأمر والوجوب يكون داعيا إلى إيجاد الأمر أوّلا وإلى قصده بعد وجوده ثانيا ، ولذلك يلزم محذور الدور أو التهافت اللحاظي.
وبيانه : أنّ الأمر لمّا كان مأخوذا في المتعلّق والمفروض أنّه في عالم الجعل والتشريع للأمر ، لا بدّ أن يلحظ الشارع المتعلّق ، والموضوع مفروض الوجود ومقدّر ، فهذا معناه أنّه يلحظ الأمر مفروغا عنه مع أنّه لم يجعله بعد ، وهذا تهافت في اللحاظ ؛ لأنّه يفترض الشيء موجودا في عالم اللحاظ مع أنّه ليس موجودا بعد.
ويلزم منه الدور أيضا ؛ لأنّ الأمر يكون موقوفا على لحاظ الأمر في عالم الجعل ،