العمليّة الجارية في الشبهات الموضوعيّة ، على أساس استكشاف ذلك من أدلّتها الظاهرة في الحكومة.
وتوضيح ذلك أن يقال : إنّ الحكم الظاهري يقسّم إلى الأمارات ، والأصول.
والأصول تنقسم إلى الأصول العمليّة الجارية في الشبهات الموضوعيّة ، والأصول الجارية في الشبهات الحكميّة.
أمّا الأمارات والأصول العمليّة الجارية في الشبهات الحكميّة ـ كالبراءة والاحتياط ـ فهي لا تتصرّف في الأحكام الواقعيّة ؛ ولذلك فهي على القاعدة لا تقتضي الإجزاء فيما لو انكشف كون الواقع على خلافها ، بل لا بدّ من الإعادة في الوقت ، أو القضاء خارجه إن استفيد ذلك من نفس الدليل أو من دليل خاصّ.
وأمّا الأصول العمليّة الجارية في الشبهات الموضوعيّة ـ كأصالة الطهارة أو الحليّة واستصحابهما ـ فهي تتصرّف في الأحكام الواقعيّة ؛ بمعنى أنّه يستفاد من أدلّتها كونها حاكمة على أدلّة الأحكام الواقعيّة التي اشترط فيها الطهارة أو الحلّيّة ، ومعنى كونها حاكمة أنّها توسّع دائرة الشرطيّة لتشمل الأعمّ من الطهارة الواقعيّة أو الطهارة الظاهريّة.
وعليه ، فمن يصلّي في الثوب المشكوكة طهارته ـ بناء على جريان أصالة الطهارة فيه أو على أساس استصحابها فيه ـ يكون قد أتى بأحد فردي هذه الشرطيّة ، ولكنّه يعتقد ـ بناء على عدم علمه بمخالفة الأصل للواقع ـ بأنّه يأتي بالطهارة الواقعيّة لا الظاهريّة ، إلا أنّ هذا الاعتقاد لا يضرّ ؛ لأنّه خطأ في التطبيق فقط لا في الامتثال. ولهذا لو انكشف خلاف الواقع لم تجب عليه الإعادة فضلا عن القضاء ؛ لأنّه قد امتثل أحد مصداقي الشرطيّة.
والفرق بين هذا وما تقدّم من الأمارات والأصول الجارية في الشبهات الحكميّة هو استظهار الحكومة من أدلّة هذا القسم دونها ، فإنّ استظهار الحكومة معناه إيجاد فرد من موضوع الشرطيّة ، فالشرط متحقّق ، بخلاف الأمارات والأصول الحكميّة فإنّ لسانها ليس لسان الحكومة ، بل هي تفيد أنّ هذا هو الفرد الواقعي ؛ لأنّ الأمارات كاشفة عن الواقع أي أنّ المجعول فيها هو المنجّزيّة والمعذّريّة فهي تحرز الواقع لدى المكلّف ، فإذا انكشف كون الواقع على خلافها تبيّن أنّه لم يأت بالفرد المأمور به واقعا فتجب عليه الإعادة أو القضاء.