مكروها أو مباحا ، فهذا معناه أنّه إمّا يجب فعل الصلاة على المكلّف أو يستحب أو يكره أو يباح وكلّها لا يمكن أن تجتمع مع وجوب الإزالة ؛ لأنّ المفروض ضيق القدرة عنها ، فالمولى إذا شرّعهما معا فهذا معناه إلقاء المكلّف في العجز وعدم القدرة ، وهو تكليف مستحيل.
وأمّا المطلب الثاني : وهو أنّ ملازم الحرام لا بدّ أن يكون حراما ، فهذا لا دليل عليه ، بل يكفي فيه ألاّ يكون فيه حكم آخر مخالف ، أي يكفي ألاّ يكون واجبا ولا مستحبّا ولا مكروها ولا مباحا ، فهو خال عن الحكم تماما ، فإنّ خلوّه عن الحكم أمر ممكن في نفسه ومعقول ثبوته شرعا بأن لا يكون غرض المولى إلا في ملازمه لا في نفسه (١).
الدليل الثاني : وهو مكوّن من مقدّمات أيضا :
الأولى : أنّ ترك أحد الضدّين مقدّمة لضدّه.
الثانية : أنّ مقدّمة الواجب واجبة ، وعليه فترك الضدّ الخاصّ للواجب واجب.
الثالثة : إذا وجب ترك الضدّ الخاصّ حرم نقيضه وهو إيقاع الضدّ الخاصّ ، وبذلك يثبت المطلوب.
الدليل الثاني : وهو ما يسمّى بمسلك المقدّميّة ، وبيانه ضمن المقدّمات التالية :
المقدّمة الأولى : أنّ ترك أحد الضدّين مقدّمة لحصول أو لفعل الضدّ الآخر. فإنّه إذا وجبت الإزالة فحصولها ووجودها يتوقّف على ترك ضدّها أي على ترك الصلاة ؛
__________________
(١) ويمكن أيضا المناقشة في المقدّمة الثانية فإنّ الضدّ الخاصّ ليس ملازما للضدّ العامّ ، فإنّ فعل الصلاة ليس ملازما لترك الإزالة الذي هو الضدّ العامّ لوجوب الإزالة ؛ لأنّ ترك الإزالة كما يتحقّق بفعل الصلاة فهو أيضا يتحقّق بغيرها ممّا يعني أنّ فعل الصلاة أمر مقارن لترك الإزالة.
والوجه في ذلك : هو أنّ الملازمة تنشأ بين ذات أحد الضدّين وذات عدم ضدّه ، فالملازمة تكون بين ذات الإزالة وبين ذات عدم الإزالة لا بين فرد خاصّ من عدم الإزالة. فإنّ لعدم الإزالة أفرادا منها الصلاة أو الأكل أو اللعب أو السفر ، وهكذا.
وعليه ، فالملازمة كانت قبل فعل الصلاة وفعل الصلاة كان بعد الملازمة ، أي هو من شئون وتبعات الملازمة ومتفرّع عن الملازمة ؛ لأنّ ذات عدم الإزالة لا يتحقّق إلا بفعل مضادّ للصلاة ، ولكنّه ليس هو نفس هذا الفعل المضادّ.