العلم الإجمالي الصغير ضمن أخبار غير الثقات لا تزال معلومة إجمالا ، وليست كلّها داخلة في العلم الإجمالي الصغير ضمن أخبار الثقات (١).
وإن كان من المحتمل تطابقهما المطلق فشرطا القاعدة متوفّران بالنسبة إلى كلّ من العلمين الإجماليّين الصغيرين في نفسه ، فافتراض أنّ أحدهما يوجب الانحلال دون الآخر بلا موجب.
الثانية : أن نفترض التطابق بين المعلومين بالإجمال في العلمين الإجماليّين الصغيرين.
فهنا الانحلال الحقيقي كما يتمّ في العلم الإجمالي الصغير ضمن أخبار الثقات لكون أطرافه بعض أطراف الكبير ولكون المعلوم بالإجمال فيه لا يقلّ عن المعلوم بالإجمال في الكبير ، كذلك يتمّ في العلم الإجمالي الصغير ضمن أخبار غير الثقات لتوفّر كلا الركنين فيه ، فلما ذا يقال بانحلاله في الأوّل دون الثاني؟
فإنّ انحلاله في أحدهما المعيّن وهو أخبار الثقات ترجيح بلا مرجّح ، وانحلاله فيهما معا يوجب حجّيّة أخبار غير الثقات وهو لا يقوله أحد ، فيتعيّن القول بعدم انحلاله في شيء منهما.
وبهذا ظهر أنّ دعوى الانحلال الحقيقي غير تامّة ، فالعلم الإجمالي الكبير لا يزال منجّزا لجميع الشبهات المشكوكة.
الجواب الثاني : أنّ العلم الإجمالي الذي تضمّ أطرافه كلّ الشبهات يسقط عن المنجّزيّة باختلال الركن الثالث من الأركان الأربعة التي يتوقّف عليها تنجيزه ، وقد تقدّم شرحها في الحلقة السابقة (٢).
__________________
(١) لا يمكن القول هنا بأنّ العلم الإجمالي الكبير ينحلّ بكلا العلمين الإجماليين الصغيرين بدعوى أنّ المعلوم بالإجمال فيهما مساو أو أكثر من المعلوم بالإجمال فيه.
لأنّه يجاب عن ذلك بأنّ هذين العلمين الإجماليّين الصغيرين إذا اجتمعا معا فإنّهما نفس العلم الإجمالي الكبير ؛ لأنّ مجموع الشبهات إمّا أن يوجد فيها خبر ثقة ونحوه ، وإمّا أن يوجد فيها خبر غير ثقة ونحوه فهما تعبير آخر عنه.
مضافا لاستلزامه حجّيّة أخبار غير الثقات أيضا ، وهذا لا يقوله أحد.
(٢) في بحث العلم الإجمالي من أبحاث الأصول العمليّة تحت عنوان : تحديد أركان هذه القاعدة.