مشكوكة ابتداء ، وهكذا ينحلّ العلم الإجمالي من حيث المنجّزيّة لا حقيقة ، إذ هو موجود واقعا إلا أنّ حكمه وهو المنجّزيّة ليس بثابت ، هذا هو معنى الانحلال الحكمي.
وبتعبير آخر : إنّ بعض أطراف العلم الإجمالي قد تنجّز بالآيات والروايات والأصول المثبتة للتكليف فلا تشملها الأصول الترخيصيّة ، وهذا يعني أنّ الشرط الثالث وهو جريان الأصول الترخيصيّة في كلّ الأطراف غير متحقّق ، والمفروض أنّ منجّزيّة العلم الإجمالي تتوقّف على تواجد الشروط الأربعة ، فمع فقد أحدها لا منجّزيّة له وإن كان موجودا واقعا.
وفي مقامنا حيث ثبتت بعض التكاليف الإلزاميّة فقد خرجت من دائرة العلم الإجمالي ، إذ لم تعد مشكوكة لتنجّزها بحسب الفرض ، وعليه فتجري الأصول الترخيصيّة في الأطراف الأخرى ، وهذا انحلال حكمي.
وقد قيل في تقريب فكرة الانحلال الحكمي في المقام ـ كما عن السيّد الأستاذ ـ بأنّ العلم الإجمالي متقوّم بالعلم بالجامع والشكّ في كلّ طرف ، ودليل حجّيّة الأمارة المثبتة للتكليف في بعض الأطراف لمّا كان مفاده جعل الطريقيّة فهو يلغي الشكّ في ذلك الطرف ويتعبّد بعدمه ، وهذا بنفسه إلغاء تعبّدي للعلم الإجمالي.
التقريب الثاني للانحلال الحكمي بناء على تصوّرات مدرسة الميرزا ، وحاصله : أنّ الركن الأوّل من أركان منجّزيّة العلم الإجمالي وهو العلم بالجامع ، وكذا الركن الثاني وهو الشكّ في الفرد كلاهما مختلّ في المقام ، وذلك بناء على مسلك الميرزا من جعل الطريقيّة والعلميّة للأمارات والأصول.
فيقال : إنّ العلم الإجمالي الكبير ضمن دائرة مجموع الشبهات لا يكون منجّزا اذا اختلّ ركناه الأوّل والثاني ، وهنا إذا قامت الأمارات والأصول على التنجيز لبعض الشبهات والتي تثبت التكليف الإلزامي فيها توجب زوال الركنين الأوّل والثاني ؛ وذلك لأنّ جعل الحجّيّة للأمارات والأصول معناه جعلها علما تعبّدا.
فإذا أخبر الثقة بالوجوب أو الحرمة أو قام الأصل لإثبات التكليف فمعنى حجّيّته أنّه علم ، وهذا يعني أنّ هذه الشبهات قد صار حكمها معلوما تعبّدا فيلغى الشكّ