فإن كان المراد به مفهوم الفرد المردّد والذي هو عنوان وجامع انتزاعي ، فهذا يعني أنّ العلم تعلّق بهذا الجامع أي بالصورة الذهنيّة التي هي عبارة عن مفهوم أحد الفردين أو أحدهما ، وهذا في نفسه جامع غير أنّه جامع انتزاعي ، فيرجع هذا المبنى إلى المبنى السابق من تعلّق العلم الإجمالي بالجامع الحقيقي وهو وجوب صلاة ما.
وإن كان المراد به واقع الفرد المردّد أي الفرد المردّد الموجود والثابت ، فتارة يراد به الوجود الخارجي وأخرى الوجود الذهني.
فإن كان المراد الوجود الخارجي ، فمن الواضح أنّه في الخارج لا يوجد فرد زائد عن الظهر أو الجمعة يسمّى بالفرد المردّد ؛ لأنّ الموجود الخارجي إمّا الظهر أو الجمعة ، ولا وجود في الخارج للصلاة المردّدة بينهما.
وإن كان المراد الوجود الذهني أي صورة الفرد المردّد بحدّها الشخصي المتعيّن من بين الصورة الذهنيّة لصلاة الظهر بحدّها الشخصي والصورة الذهنيّة لصلاة الجمعة بحدّها الشخصي ، فهذا مستحيل وغير معقول ؛ وذلك لأنّ الصورة الذهنيّة عبارة عن الوجود الذهني للفرد المردّد.
وقد ذكرنا أنّ كلّ وجود سواء الخارجي أو الذهني لا بدّ أن يكون متعيّنا بحدّه الشخصي الذي به يتميّز عن غيره من الصور الذهنيّة ، وهذا يفرض ثبوت الماهيّة للفرد المردّد ؛ لأنّ تعيّن الوجود يستتبع تعيّن الماهيّة وتشخّصها.
وبما أنّ المفروض تعيّن الفرد المردّد في الوجود الذهني فلا بدّ من فرض تعيّن وتشخّص لماهيّته في صقع ثبوته أي عالم الذهن.
وهذا يفرض أن يكون الفرد المردّد متعيّنا ، إمّا في الصورة الذهنيّة لصلاة الظهر بحدّها ، وإمّا في الصورة الذهنيّة لصلاة الجمعة بحدّها ، وإمّا بالصورتين معا بحدّهما ، وإمّا بصورة ذهنيّة رابعة وكلّ ذلك غير معقول ؛ لأنّ الأوّل والثاني يعني سريان العلم من الفرد المردّد إلى العلم بالفرد المعيّن تفصيلا وهو خلف المفروض ؛ ولأنّ الثالث يعني أنّنا نعلم بوجوب كلتا الصلاتين وهو خلف المفروض في العلم الإجمالي من العلم بوجوب صلاة واحدة فقط ؛ ولأنّ الرابع يعني ثبوت صلاة مردّدة بين الظهر والجمعة وهذه لا وجود لها في الواقع.
فيتعيّن كون العلم الإجمالي غير متعلّق بالفرد المردّد لعدم ثبوت هذا الفرد لا في