الخارج ولا في الذهن ؛ لأنّ العلم صفة وهي تستلزم ثبوت الموصوف وتعيّنه ، سواء كان الصفة حقيقة كالعلم أو اعتباريّة كالوجوب.
الثالث : ما ذهب إليه المحقّق العراقي (١) من أنّ العلم الإجمالي يتعلّق بالواقع ، بمعنى أنّ الصورة الذهنيّة المقوّمة للعلم والمتعلّقة له بالذات لا تحكي عن مقدار الجامع من الخارج فقط ، بل تحكي عن الفرد الواقعي بحده الشخصي ، فالصورة شخصيّة ومطابقها شخصي ولكنّ الحكاية إجماليّة.
فهي من قبيل رؤيتك لشبح زيد من بعيد دون أن تتبيّن هويّته ، فإنّ الرؤية هنا ليست رؤية للجامع بل للفرد ، ولكنّها رؤية غامضة.
الاتّجاه الثالث : ما اختاره المحقّق العراقي من أنّ العلم الإجمالي يتعلّق بالواقع.
وتوضيحه : أنّ العلم كما تقدّم له متعلّق بالذات وهو الصورة الذهنيّة المنكشفة للنفس ، وله متعلّق بالعرض وهو المطابق الخارجي لهذه الصورة الذهنيّة.
والعلم يتعلّق بالصورة الذهنيّة للواقع أي صورة الواقع لا الواقع نفسه ، سواء كان العلم تفصيليّا أم إجماليّا ، بمعنى أنّ المعلوم بالذات هو الصورة الذهنيّة والمعلوم بالعرض هو الواقع الخارجي.
فكما أنّ العلم التفصيلي يتعلّق بصورة الواقع الحاكية عن الواقع ، كذلك العلم الإجمالي يتعلّق بصورة الواقع الحاكية عن الواقع ، غاية الأمر الفرق بينهما في كيفيّة هذه الصورة ، بمعنى أنّه في العلم التفصيلي تكون صورة الواقع واضحة وجليّة بينما في العلم الإجمالي تكون غامضة ومشوبة ، مع كونهما معا متعلّقين بصورة الواقع ، فلا فرق بينهما في المعلوم وإنّما الفرق في كيفيّة العلم فقط.
وعلى هذا نقول : إنّ متعلّق العلم الإجمالي هو الواقع أي أنّ الصورة الذهنيّة للواقع هي المقوّمة للعلم الإجمالي ، وهي المتعلّق له أوّلا وبالذات ، وهذه الصورة لا تحكي عن الجامع ، وإنّما تحكي عن الفرد الواقعي بحدّه الشخصي المتعيّن به في الواقع والذي يتميّز به عن غيره من الأفراد.
فهما نظير المرآة الصافية التي ترى الصورة واضحة وجليّة ، والمرآة المشوبة التي ترى الصورة بشيء من الغموض.
__________________
(١) مقالات الأصول ٢ : ٢٣٠.