الإجمالي هو الواقع لا مجرّد الجامع ، ثبت أنّ الواقع منجّز على نحو العلّيّة ، ومعه يستحيل الترخيص في أي واحد من الطرفين ؛ لاحتمال كونه هو الواقع.
وبكلمة أخرى : أنّ المعلوم بالعلم الإجمالي إن كان هو الجامع فلا مقتضي لوجوب الموافقة القطعيّة أصلا ، وإن كان هو الواقع فلا بدّ من افتراض تنجّزه على نحو العلّيّة ؛ لأنّ هذا شأن كلّ معلوم مع العلم.
استدلّ المحقّق العراقي على القول بعلّيّة العلم الإجمالي بنفسه لوجوب الموافقة القطعيّة بما يلي :
أوّلا : أنّ العلم التفصيلي ينجّز معلومه على نحو العلّيّة ، فإذا علمنا بأنّ هذا المائع خمر كان هذا العلم منجّزا بنفسه لوجوب الاجتناب عن معلومه ، وتنجيزه له على نحو تنجّز العلّة لمعلولها ، أي أنّه ليس معلّقا على شيء ؛ إذ ما دمنا نعلم بأنّه خمر فيحرم شربه ، ولا يمكن التفكيك بينهما.
وثانيا : أنّ العلم الإجمالي قلنا : إنّه علّة لحرمة المخالفة القطعيّة على جميع المباني ، بمعنى أنّه إذا علمنا بنجاسة أحد الإناءين فيحكم العقل بحرمة المخالفة ووجوب الامتثال لهذا المعلوم ، سواء كان المعلوم هو الجامع أو الواقع أو الفرد المردّد ؛ لأنّه على كلّ التقادير يكون ارتكاب كلا الإناءين ارتكابا للنجس المعلوم والذي حكم العقل بلزوم الاجتناب عنه وحرمة مخالفته.
فيكون الارتكاب للجميع مخالفا للتكليف الداخل يقينا في الذمّة والعهدة ، ولذلك فحكم العقل بحرمة المخالفة القطعيّة ليس معلّقا على شيء ، بل هو منجّز وهذا معنى العلّيّة.
وثالثا : أنّ العلم الإجمالي بناء على ما هو الصحيح عنده متعلّق بالواقع المحكي بالجامع المعلوم كما تقدّم ، فيكون الواقع دخيلا في العهدة ومشتغلة به الذمّة ، فيحكم العقل بلزوم امتثاله وحرمة مخالفته ؛ وامتثاله لا يكون بفعل أحد الطرفين وترك الآخر ؛ لأنّه لا يقطع معه بفراغ الذمّة وبراءتها من التكليف الداخل في عهدتها ، إذ قد يكون الواقع المنجّز هو الطرف الآخر الذي لم يمتثله ، وعليه يكون الواجب الإتيان بكلا الطرفين أو ترك الطرفين معا لكي يتحقّق عنوان الامتثال فتبرأ الذمّة يقينا.
وهذا معناه أنّ العقل يحكم بوجوب الموافقة القطعيّة للمعلوم بالإجمال ؛ لأنّه