والصحيح هنا : سراية العلم من الجامع إلى الفرد وحصول الانحلال أيضا ، إذ يعود العلمان معا إلى علم تفصيلي بزيد وشكّ بدويّ في إنسان آخر.
النحو الثاني : ألاّ يكون العلم التفصيلي بالفرد ناظرا إلى نفس ما تعلّق به العلم الإجمالي ، غير أنّه لا توجد أيّة خصوصيّة أو ميزة في المعلوم بالعلم الإجمالي عن المعلوم تفصيلا ، بحيث إنّه يمكن تطبيقه على المعلوم تفصيلا بلا أي إشكال.
مثاله : ما إذا علم بوجود إنسان في المسجد ، فهنا العلم الإجمالي متعلّق بالجامع ابتداء لا أنّه علم مردّد بين فردين كالعلم بدخول زيد أو عمرو إلى المسجد ، ثمّ علمنا تفصيلا بوجود زيد في المسجد ، والمفروض أنّ الإنسان المعلوم إجمالا ليس فيه أيّة ميزة معلومة ، فحينئذ لن يكون هناك مانع من انطباق هذا المعلوم الإجمالي على المعلوم التفصيلي ، فإذا انطبق عليه سوف يكون الشكّ في بقاء الإنسان في المسجد لأجل الشكّ في وجود فرد آخر له هناك وحيث إنّه مشكوك ابتداء فتجري فيه البراءة.
وبهذا يتحقّق الانحلال الحقيقي ؛ لأنّنا إذا جمعنا هذين العلمين العلم الإجمالي بوجود الإنسان في المسجد والعلم التفصيلي بوجود زيد فيه سوف ينتج علم تفصيلي بوجود زيد في المسجد وشكّ بدوي في وجود فرد آخر من أفراد الإنسان في المسجد ؛ لأنّ المعلوم من أفراد الإنسان هو زيد فقط وغيره مشكوك ابتداء ، فتجري فيه الأصول الترخيصيّة.
ومثاله أيضا : ما إذا علمنا بنجاسة أحد الإناءين الموجودين لدى الكافر ، وكان منشأ العلم بنجاسة أحدهما هو مساورته له ثمّ علمنا تفصيلا بأنّه ساور هذا الإناء بخصوصه ، فهذا الإناء نجس على كلّ تقدير ، بينما الآخر لا يعلم بنجاسته كذلك فتجري فيه الأصول الترخيصيّة وينحلّ العلم الإجمالي.
ثالثها : أن لا يكون العلم بالفرد ناظرا إلى تعيين المعلوم الإجمالي ، ويكون للمعلوم الإجمالي علامة في نظر العالم غير محرزة التواجد في ذلك الفرد ، كما إذا علم بوجود إنسان طويل في المسجد ثمّ علم بوجود زيد وهو لا يعلم أنّه طويل أو لا.
والصحيح هنا عدم الانحلال لعدم إحراز كون المعلوم بالعلم الثاني مصداقا للمعلوم بالعلم الأوّل ، بحيث يصحّ أن ينطبق عليه ، فلا يسري العلم من الجامع إلى تحصّصه ضمن الفرد.