النحو الثالث : أن لا يكون المعلوم بالتفصيل ناظرا إلى تعيين وتشخيص متعلّق العلم الإجمالي ، وأن يكون في متعلّق العلم الإجمالي ميزة وخصوصيّة يحتمل أنّها غير موجودة في متعلّق العلم التفصيلي بالفرد.
كما إذا علم بوجود إنسان طويل في المسجد ، فهذا علم إجمالي متعلّقه الإنسان الذي يوجد فيه ميزة وخصوصيّة معيّنة وهي كونه طويلا ، ثمّ علم بوجود زيد في المسجد إلا أنّه لا يعلم هل هو طويل أم لا؟ بحيث إنّه لو كان طويلا لأمكن تطبيق المعلوم بالإجمال عليه إذ لن يكون هناك مانع من ذلك ، ولو لم يكن طويلا فلن يمكن تطبيق المعلوم بالإجمال عليه ؛ لأنّه يعلم أنّه ليس هو بل هو فرد آخر غير الفرد الموجود فيه الجامع.
فهنا المتعلّق في كلّ منهما مختلف ؛ لأنّ أحدهما متعلّقه الجامع والآخر الفرد ، ويوجد في أحد المتعلّقين ميزة لا يعلم بوجودها في الآخر ، بل يحتمل ذلك.
والصحيح هنا أن يقال : إنّ العلم الإجمالي لا ينحلّ بالعلم التفصيلي بالفرد المذكور ؛ لأنّه ليس ناظرا إلى تعيين معلومه ؛ ولأنّه يحتمل عدم انطباقه عليه بحيث يمكن ألاّ يكون مصداقا له ، فيكون العلم الإجمالي واقفا على الجامع ولا يسري من الجامع إلى الفرد والحصّة ؛ لأنّها غير معلومة كونها حصّة لهذا الجامع.
وبتعبير آخر : أنّ زيدا المعلوم وجوده في المسجد تفصيلا من المحتمل أن يكون هو الإنسان الطويل المعلوم إجمالا ، ومن المحتمل أن يكون مصداقا لإنسان آخر غير الطويل ، فتعيينه مصداقا للطويل دون الآخر ترجيح بلا مرجّح ، فيتعذّر الانحلال.
رابعها : أن يكون العلم الساري إلى الفرد تعبّديّا ، بأن قامت أمارة على ذلك بنحو لو كانت علما وجدانيّا لحصل الانحلال.
النحو الرابع : أن يكون العلم المتعلّق بالفرد علما تعبّديّا ، ويكون ناظرا إلى نفس متعلّق العلم الإجمالي كما هو الحال في الصورة الأولى أو الثانية ، أي أنّ نفس الفرضيّتين اللتين تستوجبان الانحلال الحقيقي ، يفترض وجودهما هنا لكن مع العلم التعبّدي بالفرد.
مثاله : أن يعلم إجمالا بدخول زيد أو عمرو إلى المسجد ، ثمّ تقوم البيّنة على دخول زيد إلى المسجد ويكون زيد هذا هو نفس زيد المعلوم بالإجمال وليس شخصا