والحاصل : أنّه مع اختلال الركن الرابع لا يكون العلم الإجمالي منجّزا ، وفي الشبهة غير المحصورة حيث إنّ الأطراف بالغة من الكثرة حدّا لا يمكن للمكلّف اقتحامها جميعا عمليّا فلن يكون هناك محذور في جريان الأصول الترخيصيّة فيها جميعا ، فإذا جرت فعلا في الجميع كان العلم الإجمالي ساقطا عن المنجّزيّة.
وهذا التقريب متّجه على أساس الصيغة الأصليّة التي وضعناها للركن الرابع فيما تقدّم.
وأمّا على أساس صياغة السيّد الأستاذ له السالفة الذكر فلا يتمّ ؛ لأنّ المحذور في صياغته الترخيص القطعي في مخالفة الواقع ، وهو حاصل من جريان الأصول في كلّ الأطراف ولو لم يلزم الترخيص في المخالفة القطعيّة لعدم القدرة عليها.
ومن هنا يظهر أنّ الثمرة بين الصيغتين المختلفتين للركن الرابع تظهر في تقييم التقريب المذكور إثباتا ونفيا.
وهذا التقريب أي اختلال الركن الرابع من أركان منجّزيّة العلم الإجمالي ، بسبب جريان الأصول الترخيصيّة في كلّ الأطراف المؤدّي إلى فسح المجال للوقوع في المخالفة القطعيّة ، إنّما يتّجه ويكون صحيحا بناء على صياغة المشهور للركن الرابع من أركان المنجّزيّة ، حيث تقدّم أنّه توجد صياغتان لهذا الركن :
إحداهما عن المشهور ، ومفادها : أن يكون جريان الأصول الترخيصيّة في تمام الأطراف مؤدّيا إلى المخالفة القطعيّة ، أو على الأقلّ يتيح للمكلّف ارتكاب الجميع على شرط أن يكون ارتكاب الجميع ممكنا وقوعه من المكلّف ، ولذلك فإذا كان عاجزا عن ارتكاب الجميع ، إمّا لعدم قدرته على ذلك بأن كانت الأطراف كثيرة جدّا ، أو خروج بعضها عن مورد الابتلاء ، أو تلف بعضها فلا محذور في جريان الأصول الترخيصيّة في جميع الأطراف ، فهذا الركن بهذه الصياغة ينهدم في موردنا ؛ لأنّ الشبهة غير المحصورة أطرافها كثيرة جدّا بحيث لا يتمكّن المكلّف من ارتكابها جميعا ، فتجري الأصول الترخيصيّة بلا محذور ؛ لأنّ جريانها لن يؤدّي إلى المخالفة القطعيّة في الخارج.
وأمّا بناء على صياغة السيّد الخوئي لهذا الركن ، والتي كانت تتّجه إلى أنّ المحذور من جريان الأصول الترخيصيّة هو الترخيص القطعي في المخالفة الواقعيّة سواء خالف عمليّا أم لا ، وسواء تمكّن من المخالفة أم كان عاجزا عنها.