فيه كل تلك التناقضات ويسود فيه الوئام والسلام. وهكذا نجد أن التجربة النفسية لهذا الشعور التي مارستها الإنسانيه على مر الزمن ، من أوسع التجارب النفسية وأكثرها عمومأ بين أفراد الإنسان.
وحينما يدعم الدين هذا الشعور النفسي العام ، ويؤكد أن الأرض في نهاية المطاف ستمتلى قسطأ وعدلأ بعد أن ئيئت ظلما وجوراً (١) ، يعطي لذلك الشعور قيمته الموضوعية ويحوله إلى إيمان حاسم بمستقبل المسيرة الإنسانية ، وهذا الإيمان ليس مجرد مصدر للسلوة والعزاء فحسب ، بل مصدر عطاء وقوة. فهو مصدر عطاء؟ لأن الإيمان بالمهدي إيمان برفض الظلم والجور حتى وهو يسود الدنيا كلها ، وهو مصدر قوة ودفع لا تنضب (٢) ؛ لأنه بصيص نور يقاوم اليأس في نفس الإنسان ، ويحافظ على الأمل إلمشتعل في صدره مهما ادالفت الخطوب وتعملق الظلم؟ لأن اليوم الموعود يثبت أن بإمكان العدل أن يواجه عالمأ مليئأ بالظلم والجور فيزعزع ما فيه من أركان الظلم ، ويقيم بناءه من جديد (٣) ، وأن الظلم مهما نجبز وامتذ في أرجاء العالم وسيطر على مقذراته ، فهو حالة غير طبيعية ، ولا بذ أن يخهزم (٤). وتلك ا الزيمة الكبرى المحتومة للظلم وهو في قة مجده ، تضع الأمل كبيرأ
__________________
(١) إشارة إلى الحديث الثريف المتواتر : « لو لم يبق من الدهر إلا يومٌ لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جورا ». راجع : صحيح سنن المصطنى لأب داود ٢ : ٢٠٧ ، وراجع : التاج الجامع للأصول للشيخ منصور علي ناصف ٥ : ٣٤٣.
(٢) هذا ردٌّ على من يزعم بأن العقيدة ني الإمام المهدي تورث الخمول والسلبية ، وهو أبلغ رد مستفاد من الحديث الشريف نفسه.
(٣) إشارة إلى دولة الإمام عليهالسلام التي أشار إليها الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، راجع : التاج الجامع للأصول ٥ : ٣٤٣.
(٤) إشارة إلى الوعد الإلهي في قوله تعالى : (ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ) القصص : ٥ وأيضاً إشارة إلى قوله تعالى : (ليظهره على