قال مجاهد : أراد به محمد صلىاللهعليهوآله فإنه فضله على أنبيائه بأن بعثه إلى جميع المكلفين من الجن والانس بأم أعطاه جميع الآيات التي أعطاها من قبله من الانبياء ، وبأن خصه بالقرآن وهو المعجزة القائمة إلى يوم القيامة ، وبأن جعله خاتم النبيين « البينات » أي المعجزات « ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم » أي من بعد الرسل ، بأن كان يلجئهم إلى الايمان ، لكنه ينا في التكليف ، وقيل : معناه : لو شاء الله ما أمرهم بالقتال « من بعد جاءتهم البينات » من بعد وضوح الحجة ، فإن المقصود من بعثة الرسل قد حصل بإيمان من آمن قبل القتال « ولو شاء الله ما اقتتلوا » كرر تأكيدا ، وقيل : الاول مشية الاكراه ، والثاني الامر للمؤمنين بالكف عن قتالهم « ما يريد » أي ما تقتضيه المصلحة. (١)
« إن الله اصطفى » أي اختار واجتبى « آدم ونوحا » لنبوته « وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين » أي على عالمي زمانهم ، بأن جعل الانبياء منهم ، وقيل : اختار دينهم ، وقيل : اختارهم بالتفضيل على غيرهم بالنبوة وغيرها من الامور الجليلة لمصالح الخلق. وقوله : « وآل إبراهيم وآل عمران » قيل : أراد نفسهما ، وقيل : آل إبراهيم أولاده ، وفيهم من فيهم من الانبياء ، وفيهم نبينا (ص) ، وقيل : هم المتمسكون بدينه ، وأما آل عمران فقيل : هم من آل إبراهيم أيضا ، فهم موسى وهارون ابنا عمران ، وهو عمران بن يصهربن ماهت (٢) ابن لاوي بن يعقوب ، وقيل بعني بآل عمران مريم وعيسى وهو عمران أشهم (٣) بن أمون من ولد سليمان عليهالسلام ، وهو أبومريم ، وفي قراءة أهل البيت (ع) : « وآل محمد على العالمين » وقالوا أيضا : إن آل إبراهيم هم آل محمد الذينهم أهله ، ويجب أن يكون الذين اصطفاهم الله مطهرين معصومين عن القبائح ، لانه سبحانه لا يختار يصطفي إلا من كان كذبك ، ويكون ظاهره مثل باطنه في الطهارة والعصمة ، فعلى هذا يختص الاصطفاء بمن كان معصوما من آل إبراهيم وآل عمران سواء كان نبيا أو إماما ، ويقال : الاصطفاء على وجهين : أحدهما أنه اصطفاه لنفسه ، أي جعله خالصا له يختص به ، والثاني أنه
ـــــــــــــــ
(١) مجمع البيان ٢. ٣٥٩. م
(٢) الصحيح كما في المصدر وفى العرائس للثعلبى : يصهر بن قاهت.
(٣) في المصدر : الهشم ، وفى العرائس : عمران بن ساهم بن امور بن ميشا ، وحكى فيه عن ابن عباس أنه عمران بن ماثان ، وبنو ماثان رؤوس بنى اسرائيل واحبارهم وملوكهم.