اصطفاه على غيره ، أي اختصه بالتفضيل على غيره ، وعلى هذا الوجه معنى الآية ، وفيها دلالة على تفضيل الانبياء على الملائكة « ذرية » أي أولادا وأعقابا « بعضها من بعض » أي في التناصر في الدين ، أو في التناسل والتوالد ، والاخير هو المروي عن أبي عبدالله عليهالسلام لانه قال : الذين اصطفاهم الله بعضهم من نسل بعض. (١)
« ما كان لبشر » أي لا يجوز ولا يحل له « أن يؤتيه الله » أي يطيه « الكتاب والحكم والنبوة » أي العلم والرسالة إلى الخلق « ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله » أي اعبدوني من دونه ، واعبدوني (٢) معه ، « ربانيين » أي حكماء أتقياء ، أو معلمين الناس من علمكم ، وقيل : الرباني : العالم (٣) باحلال والحرام والامر والنهي وما كان وما يكون. (٤)
« بما كنتم تعلمون الكتاب » قال البيضاوي : أي بسبب كونكم معلمين الكتاب وبسبب كونكم دارسين له ، فإن فائدة التعليم والتعلم معرفة الحق والخير للاعتقاد والعمل. (٥)
« وإذا أخذ الله ميثاق النبيين » قال الطرسي : روي عن أميرالمؤمنين وابن عباس وقتادة أن الله تعالى أخذ الميثاق على الانبياء قبل نبينا صلىاللهعليهوآله أن يخبروا اممهم بمبعثه و نعته ، ويبشروهم به ، ويأمروهم بتصديقه. وقال طاوس : أخذ الله الميثاق على الانبياء على الاول والآخر ، فأخذ ميثاق الاول لتؤمنن بما جاء به الآخر ، وقال الصادق عليهالسلام : تقديره : وإذا أخذ الله ميثاق امم النبيين بتصديق نبيها : والعمل بما جاءهم به ، وأنهم خالفوه بعد ما جاؤوا وما وفوابه ، وتركوا كثيرا من شريعته ، وحرفوا كثيرا منها « ولتنصرنه » أي بالتصديق والحجة ، أو أن الميثاق اخذ على الانبياء ليأخذوه على
ـــــــــــــــ
(١) مجمع البيان ٢ : ٤٣٣. م
(٢) في المصدر : او اعبدونى م
(٣) منسوب إلى الرب بزيادة الالف والنون للمبالغة ، وقيل : هو من الرب بمعنى التربية يربى المتعلمين بصغائر العلوم قبل كبارها ، وقيل : الربانى العالم الكامل الراسخ في العلم والدين المستديم عملا بما علم ، أو الذى يطلب بعلمه وجه الله ، وقيل : هو المتأله العارف بالله.
(٤) مجمع البيان ٢ : ٤٦٦.
(٥) النوار التنزيل ١ : ٧٩. م.