بيان : لعله كان ماتت اختا قابيل وهابيل قبل شهادة هابيل ولم يحضر قابيل دفنهما أو كان ذكر اختيهما (١) محمولا على التقية ، أو كان هذا الجواب على وفق علم السائل للمصلحة (٢) وسياتي ما يؤيد الاخير.
٨ ـ فس : عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن الثمالي ، عن ثوير بن أبي فاختة قال : سمعت علي بن الحسين عليهالسلام يحدث رجلا من قريش قال : لما قرب أبناء آدم القربان قرب أحدهما أسمن كبش كان في ضأنه ، وقرب الآخر ضغثا من (٣) سنبل فتقبل من صاحب الكبش وهو هابيل ، ولم يتقبل من الآخر ، فغضب قابيل فقال لهابيل : والله لاقتلنك ، فقال هابيل : « إنما يتقبل الله من المتقين * لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لاقتلك إني أخاف الله رب العالمين * إني اريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه » فلم يدر كيف يقتله حتى جاء إبليس فعلمه فقال : ضع رأسه بين حجرين ثم اشدخه ، فلما قتله لم يدر ما يصنع به فجاء غرابان فأقبلا يتضاربان حتى اقتتلا فقتل أحدهما صاحبه ، ثم حفر الذي بقي الارض بمخالبه ودفن فيه صاحبه ، قال قابيل : « يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فاواري سوأة أخي فأصبح من النادمين » فحفر له حفيرة ودفن فيها فصارت سنة يدفنون الموتى ، فرجع قابيل إلى أبيه فلم يرمعه هابيل فقال له آدم : أين تركت ابني قال له قابيل : أرسلتني عليه راعيا؟ فقال آدم : انطلق معي إلى مكان القربان وأحس قلب آدم (٤) بالذي فعل قابيل ، فلما بلغ مكان القربان استبان قتله ، فلعن آدم الارض التي قبلت دم هابيل ، وامر آدم أن يلعن قابيل ، ونودي قابيل من السماء : لعنت كما قتلت أخاك ، ولذلك لا تشرب الارض الدم ، فانصرف آدم فبكى على هابيل أربعين يوما وليلة ، فلما جزع عليه شكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه : إني واهب لك ذكرا يكون
ـــــــــــــــ
(١) لعله سقط لفظة « عدم » فكانت العبارة : أو كان عدم ذكر اختيهما.
(٢) أو أنه سأل عن الناس ، وهما كانتا حورية وجنية على ما تقدم في الاخبار.
(٣) الضغت : ملء اليد من الشئ المختلط ، والمراد هنا قبضة من سنبل.
(٤) في نسخة وفي المصدر : « وأو جس قلب آدم » أى أحس وأضمر.