طال ذلك على لوط ولم يقبلوا منه قالوا له : « لئن لم تنته يا لوط لتكونن المرجومين (١) » أي لنرجمنك ولنخرجنك ، فدعا عليهم لوط فبينا إبراهيم قاعد في موضعه الذي (٢) كان فيه وقد كان أضاف قوما وخرجوا ولم يكن عنده شئ فنظر إلى أربعة نفر قد وقفوا عليه لا يشبهون الناس ، فقالوا سلاما ، فقال إبراهيم : سلام ، فجاء إبراهيم عليهالسلام إلى سارة فقال لها : قد جاءني أضياف لا يشبهون الناس ، فقالت : ما عندنا إلا هذا العجل فذبحه وشواه وحمله إليهم وذلك قول الله عزوجل : « ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ * فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة ».
وجاءت سارة في جماعة معها فقالت لهم : ما لكم تمتنعون من طعام خليل الله؟ « فقالوا » لابراهيم « لا توجل » (٣) أي لاتخف « إنا ارسلنا إلى قوم لوط » ففزعت سارة وضحكت أي حاضت وقد كان ارتفع حيضها منذ دهر طويل فقال الله عزوجل : « فبشرناها بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب » فوضعت يدها على وجهها « فقالت يا ويلتئ ألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشئ عجيب » فقال لها جبرئيل : « أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد * فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى » بإسحاق أقبل يجادل كما قال الله : « يجادلنا في قوم لوط * إن إبراهيم لحليم أواه منيب » فقال إبراهيم لجبرئيل : بماذا أرسلت؟ قال : بهلاك قوم لوط ، فقال إبراهيم : إن فيها لوطا! قال جبرئيل : نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا أمرأته كانت من الغابرين ، قال إبراهيم : يا جبرئيل إن كان في المدينة مائة رجل من المؤمنين يهلكهم الله؟ (٤) قال : لا ، قال : فإن كان فيهم خمسين؟ قال : لا ، قال : فإن كان فيهم عشرة؟ قال : لا ، قال : وإن كان فيهم واحد؟
__________________
(١) الصحيح كما في المصدر : من المخرجين.
(٢) في نسخة : فبينما ابراهيم قاعد في الموضع الذى.
(٣) الموجود في المصحف الشريف في تلك الاية : « لا تخف » نعم في سورة الحجر : « لا توجل » وقد جمع رحمهالله كثيرا بين آيات قصة لوط عليهالسلام.
(٤) في نسخة : تهلكهم؟.