يا ذاالقرنين ، فقال : اللهم اغفر (١) أمارضيتم أن تسموا بأسماء الانبياء حتى سميتم بأسماء الملائكة؟ (٢) فهذا جملة ما قيل في هذا الباب ، والقول الاول أظهر لاجل الدليل الذي ذكرناه ، وهو أن مثل هذا الملك العظيم يجب أن يكون معلوم الحال ، وهذا الملك العظيم هو الاسكندر ، فوجب أن يكون المراد بذي القرنين هو إلا أن فيه إشكالا قويا وهو أنه كان تلميذا لارسطاطاليس الحكيم ، وكان على مذهبه ، فتعظيم الله إياه يوجب الحكم بأن مذهب أرسطاطاليس حق وصدق وذلك مما لا سبيل إليه.
المسألة الثانية : اختلفوا في أن ذاالقرنين هل كان من الانبياء أم لا ، منهم من قال : إنه كان من الانبياء ، واحتجوا عليه بوجوه :
الاول قوله : « إنا مكنا له في الارض » والاولى حمله على التمكين في الدين ، والتمكين الكامل في الدين هو النبوة.
والثاني قوله : « وآتيناه من كل شئ سببا » ومن جملة الاشياء النبوة : فمقتضى العموم في قوله : « وآتيناه من كل شئ سببا » هو أنه تعالى آتاه من النبوة سببا.
والثالث قوله تعالى : « قلنا يا ذاالقرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا » والذي يتكلم الله معه لا بد وأن يكون نبيا ، ومنهم من قال : إنه كان عبدا صالحا وما كان نبيا. انتهى. (٣)
أقول : الظاهر من الاخبار أنه غير الاسكندر ، (٤) وأنه كان في زمن إبراهيم (٥) عليهالسلام وأنه أول الملوك بعد نوح (ع) وأما استدلاله فلا يخفى ضعفه بعد ما قد عرفت
__________________
(١) في نسخة : اللهم غفرا.
(٢) في نسخة : أن تتسموا باسماء الانبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة.
(٣) مفاتيح الغيب ٥ : ٧٥٠ ٧٥٢. م
(٤) سماه في الخبر ١٥ الاسكندر وفى الخبر ٢٣ قال : كان غلاما من اهل الروم ; ولكنهما مرويان من طرق العامة ، وفيما تقدم من الاخبار أن اسمه عياش وفى الخبر ١١ أنه عبدالله بن ضحاك بن معد ، وقدمنا قبل ذلك كلام البغدادى وغيره في تسميته.
(٥) تقدم في الخبر الثانى أنه كان بعد موسى عليهالسلام وفى الخبر ١٦ أنه كان بعد عيسى عليه السلام لكنهما مرويان من غير طرقنا.