رجلا ليستقي لهم الماء من الجب ، فلما أدلى الدلو على يوسف تشبث بالدلو فجروه فنظروا إلى غلام من أحسن الناس وجها فعدوا إلى صاحبهم فقالوا : « يا بشرى هذا غلام » فنخرجه ونبيعه ونجعله بضاعة لنا ، فبلغ إخوته فجاؤوا فقالو : هذا عبد لنا أبق ، ثم قالوا ليوسف : لئن لم تقر بالعبودية لنقتلنك ، فقالت السيارة ليوسف : ماتقول؟ قال : أنا عبدهم ، فقالت السيارة : فتبيعوه (١) منا؟ قالوا : نعم ، فباعوه منهم على أن يحملوه إلى مصر « وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين » قال : الذي بيع بها يوسف ثمانية عشر درهما ، وكان عندهم كما قال الله : « وكانوا فيه من الزاهدين ».
أخبرنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الرضا (ع) في قول الله : « وشروه بثمن بخس دراهم معدودة » قال : كانت عشرين درهما ، والبخس : النقص ، وهي قيمة كلب الصيد إذا قتل ، كان قيمته عشرين درهما. (٢)
ص : بالاسناد عن الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى مثله. (٣)
__________________
* تبسم رئيت النور في ضواحكه : واذا تكلم رئيت في كلامه شعاع النور يلتهب عن ثناياه ، ولا يستطيع أحد وصفه ، وكان حسنه كضوء النهار عن الليل ، وكان يشبه آدم عليهالسلام يوم خلقه الله وصوره ونفخ فيه من روحه قبل أن يصيب المعصية « وقال يا بشرى » بشر نفسه ; وقيل هو اسم رجل من اصحابه ناداه « وأسروه بضاعة » أى وأسروا يوسف الذين وجدوه من رفقائهم من التجار مخافة شركتهم ، فقالوا : هذه بضاعة لاهل الماء دفعوه الينا لنبيه لهم ; وقيل : وأسر إخوته يكتمون أنه أخوهم فقالوا : هو عبد لنا قد أبق ، وقالوا بالعبرانية : « لئن قلت : أنا أخوهم قتلناك » فتابعهم على ذلك لئلا يقتلوه ، عن ابن عباس « وشروه بثمن بخس » أى ناقص قليل « دراهم معدودة » أى قليلة ، وذكر العدد عبارة عن القلة ، وقيل إنهم كانوا لا يزنون الدراهم ما دون الاوقية وهى الاربعون ، ويزنون الاوقية فمازاد عليها « وكانوا فيه من الزاهدين » قيل : يعنى ان الذين اشتروه كانوا غير الراغبين في شرائه لانهم وجدوا عليه علامة الاحرار ; وقيل : يعنى ان الذين باعوه من اخوته كانوا غير راغبين في يوسف ولا في ثمنه ولكنهم باعوه حتى لا يظهر ما فعلوا به ؛ وقيل : كانوا من الزاهدين فيه لم يعرفوا موضعه من الله وكرامته منه طاب الله ثراه.
(١) هكذا في النسخ وفى المصدر.
(٢) تفسير القمى : ٣١٧ ـ ٣١٨. م
(٣) مخطوط.