بمصر وجعلت النساء (١) يتحدثن بحديثها ويعذلنها (٢) ويذكرنها وهو قوله : وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتها عن نفسه « فبلغ ذلك امرأة العزيز فبعثت إلى كل امرأة رئيسة فجمعتهن (٣) في منزلها وهيأت لهن مجلسا ، ودفعت إلى كل امرأة أترجة وسكينا ، فقالت : اقطعن ، ثم قالت ليوسف : اخرج عليهن ، وكان في بيت فخرج يوسف عليهن فلما نظرن (٤) إليه أقبلن يقطعن أيديهن وقلن كما حكى الله عزوجل » فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ « أي اترجة » وآتت « وأعطت » كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه « إلى قوله » : إن هذا إلا ملك كريم « فقالت امرأة العزيز » : فذلكن الذي لمتنني فيه « في حبه » ولقد راودته عن نفسه « أي دعوته » فاستعصم « أي امتنع ، ثم قالت » : ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن و ليكونا من الصاغرين « فما أمسى يوسف في ذلك البيت (٥) حتى بعثت إليه كل امرأة رأته تدعوه إلى نفسها فضجر يوسف في ذلك البيت فقال » : رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ، فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن « أي حيلتهن » أصب إليهن « أي أميل إليهن ، وأمرت امرأة العزيز بحبسه فحبس في السجن ». (٦)
بيان : قال الطبرسي رحمهالله : يسأل ويقال : كيف قال يوسف : « السجن أحب إلي مما تدعونني إليه » ولا يجوز أن يراد السجن الذي هو المكان ، وإن عنى الجسن الذي هو المصدر فإن السجن معصية كما أن ما دعونه إليه معصية فلا يجوز أن يريده؟ فالجواب أنه لم يرد المحبة التي هي الارادة ، وإنما أراد أن ذلك أخف علي وأسهل. ووجه
__________________
(١) في نسخة : وجعلن النساء.
(٢) في نسخة : ويعيرنها.
(٣) في نسخة : فجمعن.
(٤) في نسخة : فلما أن نظرن اليه.
(٥) في نسخة : في ذلك اليوم. وكذا فيما بعده.
(٦) تفسير القمى ٣١٨ ـ ٣٢٠. م