٦ ـ فس : قال علي بن إبراهيم : ثم إن الملك رأى رؤيا فقال لوزرائه : (١) إني رأيت في نومي سبع بقرات ثمان يأكلهن سبع عجاف أي مهازيل ، ورأيت سبع سنبلات خضر واخر يابسات ; وقرأ أبوعبدالله عليهالسلام سبع سنابل خضر ، ثم قال : « يا أيها الملؤ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون » فلم يعرفوا تأويل ذلك ، فذكر الذي كان
__________________
(١) قال الكلبى : ان رسول الملك جاءه فقال له : قم فان الملك يدعوك وألق ثياب السجن عنك والبس ثيابا جددا ، فأقبل يوسف وتنظف من درن السجن ولبس ثيابه وأتى الملك وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة ، فلما رآه الملك شابا حدث السن قال : يا غلام هذا تأويل رؤياى ولم تعلم السحرة والكهنة؟ قال : نعم فأقعده قدامه وقص عليه رؤياه ورأى أن يوسف لما خرج من السجن دعا لاهله وقال : اللهم اعطف عليهم بقلوب الاخيار ولا تعم عنهم الاخبار ، فلذلك تكون أصحاب السجن أعرف الناس في الاخبار في كل بلدة ، وكتب على باب السجن : هذا قبور الاحياء ، وبيت الاحزان ، و محزنة الاصدقاء وشماتة الاعداء.
قال وهب : ولما وقف بباب الملك قال : « حسبى ربى من دنياى » إلى آخر ما سيأتى برواية الثعلبى من قوله : فاشتعلت فيهن النار واحرقتهن وصرن سودا متغيرات فهذا آخر مارأيت من الرؤيا ثم انتبهت من نومك مذعورا ، فقال الملك : والله ما شأن هذه الرؤيا بأعجب ماسمعته منك ، فما ترى في رؤياى أيها الصديق؟ فقال يوسف : أرى أن تجمع الطعام وتزرع زرعا كثيرا في هذه السنين المخصبة وتبنى الاهراء والخزائن فتجمع الطعام فيها بقصبه وسنبله ليكون قصبه وسنبله علفا للدواب ، وتأمر الناس فيرفعون من طعامهم الخمس فيكفيك من الطعام الذى جمعته لاهل مصر ومن حولها ، ويأتيك الخلق من النواحى فيمتارون منك بحكمك ، ويجتمع عندك من الكنوز مالم يجتمع لاحد ، فقال الملك : ومن لى بهذا ومن يجمعه ويبيعه ويكفى الشغل فيه؟ فعند ذلك قال : « اجعلنى على خزائن الارض » أى ارضك حافظا وواليا فانى حفيظ أخفظه من الخيانة عليم بمن يستحق ومن لا يستحق ، وقيل : حفيظ للحساب ، وعالم بالالسن. منه طاب الله ثراه.
قال الطبرسى أى الوليد والعزيز وزيره « يأكلهن سبع عجاف » أى مهازيل قد خلت السمان في بطون المهازيل حتى لم أرمنهن شيئا « واخر يابسات » قد استحصدت فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها « يا أيها الملاء » أى الاشراف ، وقيل : جمع السحرة والكهنة وقص رؤياه عليهم « قالوا أضغاث أحلام » أى أباطيل أحلام ، أو تخاليطها ، أى مناماة كاذبة لا يصح تأويلها « وما نحن بتأويل الاحلام » أى التى هذه صفتها « وادكر بعد امة » أى تذكر بعد حين من الدهر و زمان طويل « فارسلون » أى أرسلونى إلى من عنده علم « لعلهم يعلمون » أى تأويلها أومكانك و *