قال : نعم ، قال : قل « يامن لم يعلم أحد كيف هو إلا هو ، يا من سد السماء بالهواء ، و كبس الارض (١) على الماء ، واختار لنفسه أحسن الاسماء ، ائتني بروح منك وفرج من عندك » قال : فما انفجر عمود الصبح حتى اتي بالقميص فطرح عليه ورد الله (٢) عليه بصره وولده. (٣)
بيان : قال الطبرسي : التثريب التوبيخ ، يقال : ثرب وأثرب ، عن ابن الاعرابي. وقيل : التثريب : اللوم والافساد والتقريب بالذنب ، قال أبوعبيدة : وأصله الافساد ، وقال تغلب : (٤) ثرب فلان على فلان أي عدد عليه ذنوبه ; وقال أبو مسلم : هو مأذخو من الثرب وهو شحم الجوف فكأنه موضع للمبالغة في اللوم والتعنيف والبلوغ بذلك إلى أقصى غاياته. انتهى. (٥)
أقول : لعل مراده بالتخليط مايرجع إلى الافساد. (٦)
١٢ ـ فس : وقال : ولما أمر الملك بحبس يوسف في السجن ألهمه الله تأويل الرؤيا فكان يعبر لاهل السجن ، فلما سألاه الفتيان الرؤيا وعبر لهما وقال للذي ظن أنه ناج منهما : اذكرني عند ربك ولم يفزع في تلك الحال إلى الله فأوحى الله إليه : من أراك الرؤيا التي رأيتها؟ قال يوسف : أنت يا رب ، قال : فمن حببك إلى أبيك؟ قال : أنت يارب ، قال : فمن وجه إليك السيارة التي رأيتها؟ قال : أنت يارب ، قال : فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعلت لك من الجب فرجا؟ قال : أنت يارب ، قال : فمن أنطق لسان الصبي بعذرك؟ قال : أنت يارب ، قال : فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال : أنت يارب ، قال : فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي؟ وأملت عبدا من عبيدي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي وفي قبضتي ولم تفزع إلي؟ البث في السجن بضع سنين. فقال يوسف : أسألك بحق آبائي عليك إلا فرجت عني؟ فأوحى الله إليه : يا يوسف وأي حق لآبائك علي؟ إن كان أبوك آدم خلقته
__________________
(١) كبس على الشئ : شد وضغط. كبس على الشئ. اقتحم عليه.
(٢) في نسخة : فرد الله عليه.
(٣) تفسير القمى : ٣٢٨ ـ ٣٢٩. م
(٤) في المصدر وفى نسخة : وقال ثعلب.
(٥) مجمع البيان ٥ : ٢٦٠. م
(٦) ومنه قول الفيروز آبادي : المثراب : المخلط المفسد.