فشاورت في ذلك ، فقيل لها : إنا نخافه عليك ، قالت : كلا إني لا أخاف من يخاف الله ، فلما دخلت عليه فرأته في ملكه قالت : الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته وجعل الملوك عبيدا بالمعصية ، فتزوجها فوجدها بكرا فقال لها : أليس هذا أحسن؟ أليس هذا أجمل؟ فقالت : إني كنت بليت منك بأربع خلال : كنت أجمل أهل زماني ، وكنت أجمل أهل زمانك ، وكنت بكرا ، وكان زوجي عنينا ، فلما كان من أمر إخوة يوسف ما كان كتب يعقوب عليهالسلام إلى يوسف عليهالسلام وهو لا يعلم أنه يوسف :
بسم الله الرحمن الرحيم : من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله عزوجل إلى عزيز آل فرعون ، سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعدفإنا أهل بيت مولعة بنا أسباب البلاء ، كان جدي إبراهيم القي في النار في طاعة ربه فجعلها الله عزوجل عليه بردا وسلاما ، وأمر الله جدي أن يذبح أبي ففداه بما فداه به ، وكان لي ابن وكان من أعز الناس علي ففقدته فأذهب حزني عليه نور بصري ، وكان له أخ من امه فكنت إذا ذكرت المفقود ضممت أخاه هذا إلى صدري فأذهب عني بعض وجدي (١) وهو المحبوس عندك في السرقة ، وإني اشهدك أني لم أسرق ولم ألد سارقا.
فلما قرأ يوسف الكتاب بكى وصاح وقال : « اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين ». (٢)
٤٣ ـ دعوات الراوندى : عن أبي عبدالله بن موسى (٣) قال : لما كان من أمر إخوة يوسف ما كان ـ وساق الحديث إلى قوله ـ : من يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله ـ إلى قوله ـ : وكان لي ابن وكان من أحب الناس إلي ـ إلى قوله ـ : وهو من المحبوسين عندك ، إني أخبرك أني لم أسرق ولم ألد سارقا. فلما قرأ يوسف كتابه بكى وكتب إليه : بسم الله الرحمن الرحيم اصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا.
فلما انتهى الكتاب إلى يعقوب قال : والله ما هذا بكلام الملوك والفراعنة ، بل هو
__________________
(١) في المصدر : فيذهب عنى بعض وجدى. قلت : أى بعض حزنى.
(٢) امالى الطوى : ٢٩١ ـ ٢٩٢. م
(٣) في نسخة : عن عبدالله بن موسى.