تقربا إليها وتبركا بها « فراغ عليهم ضربا باليمين » أي فمال على الاصنام يكسرها و يضربها باليد اليمنى لانها أقوى ; وقيل : المراد باليمين القوة ، وقيل : أي بالقسم الذي سبق منه بقوله « تا لله لاكيدن ».
« يزفون » أي يسرعون ، فإنهم اخبروا بصنيع إبراهيم بأصنامهم فقصدوه مسرعين وحملوه إلى بيت أصنامهم وقالوا له : « أنت فعلت هذا بآلهتنا » فأجابهم بقوله : أتعبدون ما تنحتون « استفهاما على الانكار والتوبيخ » والله خلقكم وما تعملون « أي وخلق ما عملتم من الاصنام » قالوا ابنوا له بنيانا « قال ابن عباس : بنوا حائطا من حجارة طوله في السماء ثلاثون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا ، وملؤوه نارا وطرحوه فيها » فألقوه في الجحيم « قال الفراء : كل نار بعضها فوق بعض فهي جحيم ; وقيل : إن الجحيم النار العظيمة » فجعلناهم الاسفلين « بأن أهلكناهم ونجينا إبراهيم وسلمناه ورددنا كيدهم عنه » إني ذاهب إلى ربي « أي إلى حيث أمرني أو إلى مرضات ربي بعملى ونيتي » سيهدين « أي يهديني ربي فيما بعد إلى طريق المكان الذي أمرني بالمصير إليه ; أو إلى الجنة بطاعتي إياه ». (١)
« وجعلها كلمة باقية » أي جعل كلمة التوحيد باقية في ذريته فلم يزل فيهم من يقولها ; وقيل الكلمة هى براءة إبراهيم من الشرك ; وقيل : هي الامامة إلى يوم القيامة ، عن أبى عبدالله (ع) « لعلهم يرجعون » عما هم عليه بالاقتداء بأبيهم إبراهيم (ع). (٢) « أسوة حسنة » أي اقتداء حسن « كفرنا بكم » أي جحدنا دينكم وأنكرنا معبود كم « إلا قول إبراهيم » أي اقتدوا بإبراهيم في كل أموره إلا في هذا القول فلا تقتدوا به فيه فإنه عليهالسلام إنما استغفر لابيه عن موعدة وعدها إياه بالايمان فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ; قال الحسن : وإنما تبين له ذلك عند موت أبيه ; وقيل : كان آذر ينافق إبراهيم ويريه أنه مسلم ويعده إظهار الاسلام ليستغفر له « وما أملك لك من الله من شئ » إن أراد عقابك « ربنا عليك توكلنا » أي وكانوا يقولون ذلك « وإليك أنبنا » أي إلى طاعتك
__________________
(١) مجمع البيان ٨ : ٤٤٩ ـ ٤٥١. م
(٢) مجمع البيان ٩ : ٤٥ وفيه : بابيهم ابراهيم عليهالسلام في توحيد الله تعالى كما اقتدى الكفار بآبائهم. م