أين لونك الحسن قد تغير وصار مثل الرماد؟ أين جسمك الحسن الذى قد بلى وتردد فيه الدواب؟ اذبح هذه السخلة واسترح ، قال أيوب : « أتاك عدو الله فنفخ فيك وأجبته ، ويلك أرأيت ما كنا فيه من المال والولد والصحة؟ من أعطانيه؟ قالت : الله ، قال : فكم متعنا به؟ قالت : ثمانين سنة ، قال : فمذكم ابتلاني الله تعالى بهذا البلاء؟ قالت : منذ سبع سنين وأشهر ، قال : ويلك والله ما عدلت ولا أنصفت ربك ، إلا صبرت في البلاء الذي ابتلانا الله به ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ثمانين سنة؟ والله لئن شفاني الله عزوجل لاجلدنك مائة جلدة حين أمرتني أن أذبح لغير الله ، طعامك وشرابك الذي أتيتني به علي حرام أن أذوق مما تأتيني بعد إذ قلت لي هذا ، فاعزبي عني (١) فلا أراك : فطردها فذهبت ، فلما نظر أيوب إلى امرأته قد طردها وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق خر ساجدا فقال » : رب إني مسني الضر « ثم رد ذلك إلى ربه فقال » : وأنت أرحم الراحمين فقيل له : ارفع رأسك فقد استجيب لك ، اركض برجلك ، فركض برجله فنبعت عين فاغتسل منها فلم يبق عليه من دائه شئ ظاهر إلى سقط ، (٢) فأذهب الله تعالى عنه كل ألم وكل سقم وعاد إليه شبابه وجماله أحسن ماكان وأفضل ماكان ، (٣) ثم ضرب برجله فنبعت عين اخرى فشرب منها فلم يبق في جوفه داء إلا خرج فقام صحيحا وكسى حلة ، قال : فجعل يلتقت فلا يرى شيئا مما كان له من أهل ومال إلا وقد أضعفه الله تعالى له فخرج حتى جلس على مكان مشرف
ثم إن امرأتك قالت : أرأيت إن كان طردني إلى من أكله؟ أدعه يموت جوعا و يضيع فتأكله السباع؟! لارجعن إليه ، فرجعت فلا كناسة ترى ولا تلك الحال التي كانت ، وإذا الامور تغيرت ، فجعلت تطوف حيث كانت الكناسة وتبكي على أيوب ، (٤) قال : وهابت صاحب الحلة أن تأتيه فتسأله عنه ، فأرسل إليها أيوب فدعاها فقال : ما تريدين
__________________
(١) عزب : بعد وغاب وخفى.
(٢) في المصدر : الاسقط أثره وأذهب الله.
(٣) في المصدر : وأفضل مما مضى ،
(٤) في المصدر : وتبكى وأيوب ينظرها.