كان مولده بكوثى ربى وكان أبوه من أهلها ، وكانت ام إبراهيم وام لوط (١) سارة وورقة ـ وفي نسخة رقبة ـ (٢) اختين وهما ابنتان للاحج ، وكان لا حج نبيا منذرا ولم يكن رسولا ، (٣) وكان إبراهيم عليهالسلام في شبيبته على الفطرة التي فطر الله عزوجل الخلق عليها حتى هداه الله تبارك وتعالى إلى دينه واجتباه ، وإنه تزوج سارة ابنة لا حج وهي ابنة خالته ، وكانت سارة صاحبة ماشية كثيرة وأرض واسعة وحال حسنة ، وكانت قد ملكت إبراهيم جميع ما كانت تملكه ، فقام فيه وأصلحه وكثرت الماشية والزرع حتى لم يكن بأرض كوثى ربى رجل أحسن حالا منه ، وإن إبراهيم عليهالسلام لما كسر أصنام نمرود وأمر به نمرود فأوثق وعمل له حيرا وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار ثم قذف إبراهيم (ع) في النار لتحرقه ، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم سليما مطلقا من وثاقه ، فاخبر نمرود خبره فأمرهم أن ينفوا إبراهيم من بلاده ، وأن يمنعوه من الخروج بما شيته وماله ، فحاجهم إبراهيم عليهالسلام عند ذلك فقال : إن أخذتم ماشيتي ومالي فإن حقي عليكم أن تردوا علي ماذهب من عمري في بلادكم ، واختصموا إلى قاضي نمرود فقضى على إبراهيم عليهالسلام أن يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم ، وقضى على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم عليهالسلام ما ذهب من عمره في بلادهم ، واخبر بذلك نمرود فأمرهم أن يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وماله وأن يخرجوه ، وقال : إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم ، فأخرجوا إبراهيم ولوطا معه من بلادهم إلى الشام ، فخرج إبراهيم ومعه لوط لا يفارقه وسارة ، وقال لهم : « إني ذاهب إلى ربي سيهدين » يعني إلى بيت المقدس ، فتحمل إبراهيم عليهالسلام بما شيته وماله وعمل تابوتا وجعل فيه سارة وشد عليها الاغلاق غيرة منه عليها ، ومضى حتى خرج من سلطان نمرود وسار إلى سلطان رجل
__________________
(١) هكذا في أكثر النسخ وفى بعضها : امرأة ابراهيم وامرأة لوط. وهو الصحيح ويدل عليه ما يأتي بعد ذلك أنه تزوج سارة ابنة لا حج. وفى تاريخ اليعقوبي : أن سارة كانت بنت خاران بن ناحور عمه. وفى العرائس : أنها كانت بنت ناحور. وفى الاول أن لوط كان ابن خاران بن تارخ وفى الثانى انه ابن هاران بن تارخ.
(٢) في المصدر : رقية. م
(٣) أى لم يكن رسولا صاحب شريعة ، أو لم يكن ممن يعاين الملك.