خرج إسماعيل إلى الطائف يمتار لاهله طعاما ، (١) فنظرت إلى شيخ شعث فسألها عن حالهم فأخبرته بحسن حالهم ، وسألها عنه خاصة فأخبرته بحسن حاله ، (٢) وسألها ممن أنت؟ فقال : امرأة من حمير ، فسار إبراهيم عليهالسلام ولم يلق إسماعيل ، وقد كتب إبراهيم كتابا فقال : ادفعي هذا الكتاب إلى بعلك إذا أتى إن شاء الله ، فقدم عليها إسماعيل (ع) فدفعت إليه الكتاب فقرأه وقال : أتدرين من ذلك الشيخ؟ فقالت : لقد رأيته جميلا فيه مشابهة منك ، قال : ذاك أبي ، فقالت يا سوأتاه منه ، (٣) قال : ولم؟ نظر إلى شئ من محاسنك؟ قالت : لا ولكن خفت أن أكون قد قصرت. وقالت له امرأته وكانت عاقلة : فهلا نعلق على هذين البابين سترين : سترا من ههنا وسترا من ههنا ، قال : نعم فعملا له سترين (٤) طولهما اثنا عشر ذراعا فعلقهما على البابين فأعجبها ذلك (٥) فقالت : فهلا أحوك للكعبة ثيابا ونسترها كلها فإن هذه الاحجار سمجة؟ فقال لها إسماعيل : بلى ، فأسرعت في ذلك وبعثت إلى قومها بصوف كثير تستغزل بهن ، قال أبوعبدالله عليهالسلام : وإنما وقع استغزال النساء بعضهن من بعض لذاك ، قال : فأسرعت واستعانت في ذلك ، فكلما فرغت من شقة علقتها فجاء الموسم وقد بقي وجه من وجوه الكعبة ، فقالت لاسماعيل عليهالسلام : كيف نصنع بهذا الوجه الذي لم ندر كه بكسوة فنكسوه خصفا ، (٦) فجاء الموسم فجاءته العرب على حال ما كانت تأتيه فنظروا إلى أمر فأعجبهم فقالوا : ينبغي لعامر (٧) هذا البيت أن يهدى إليه ، فمن ثم وقع الهدي ، فأتى كل فخذ (٨) من العرب بشئ تحمله من ورق ومن أشياء غير ذلك حتى اجتمع شئ كثير فنزعوا ذلك الخصف وأتموا كسوة البيت ، وعلقوا عليها بابين ، وكانت
__________________
(١) أى يجمع لهم طعاما.
(٢) في الكافى : فاخبرته بحسن الدين.
(٣) في الكافى : قال : ذاك ابراهيم فقالت : واسوءتاه.
(٤) في الكافى : فعملا لهما سترين.
(٥) في الكافى : فاعجبهما.
(٦) في الكافى : لم تدركه الكسوة فكسوه خصفا. قلت الخصف : الجلة التى يكنز فيه التمر.
(٧) في الكافى : « لعامل » وكذا فيما يأتى
(٨) الفخذ : هو ما انقسم فيه أنساب البطن كبنى هاشم وبنى امية.