٦٠ ـ نهج : فأوجس موسى خيفة على نفسه أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال.
٦١ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليهالسلام في الخطبة القاصعة : إن الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين في أنفسهم بأوليائه المستضعفين في أعينهم ، ولقد دخل موسى بن عمران و معه أخوه هارون عليهماالسلام على فرعون عليهما مدارع الصوف ، وبأيديهما العصي ، فشرطا له إن أسلم بقاء ملكه ودوام عزه ، فقال : ألا تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العز و بقاء الملك وهما بما ترون من حال الفقر والذل؟ فهلا القي عليهما أساورة من ذهب إعظاما للذهب وجمعه ، واحتقارا للصوف ولبسه ، ولو أراد الله سبحانه بأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن العقيان ومغارس الجنان وأن يحشر معهم طير السماء ووحوش الارض لفعل ، ولو فعل لسقط البلاء ، وبطل الجزاء ، واضمحل الانباء ، ولما وجب للقابلين اجور المبتلين ، ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين.
بيان : الاساورة جمع للاسورة التي هي جمع السوار. والذهبان بالكسر والضم جمع الذهب. والعقيان بالكسر هو الذهب الخالص. وقيل : ما ينبت منه نباتا. والبلاء : الامتحان. واضمحل الانباء أي سقط الوعد والوعيد.
قال الثعلبي : قال العلماء بأخبار الماضين : لما كلم الله موسى وبعثه إلى مصر خرج ولا علم له بالطريق ، وكان الله تعالى يهديه ويدله وليس معه زاد ولا سلاح ولا حمولة(١) ولا شئ غير عصاه ومدرعة صوف وقلنسوة من صوف ونعلين ، يظل صائما ، ويبيت قائما ، ويستعين بالصيد وبقول الارض حتى ورد مصر ، ولما قرب مصر أوحى الله سبحانه إلى أخيه هارون يبشره بقدوم موسى ويخبره أنه قد جعله لموسى وزيرا ورسولا معه إلى فرعون ، وأمره أن يمر يوم السبت لغرة ذي الحجة متنكرا إلى شاطئ النيل ليلتقي في تلك الساعة بموسى ، قال : فخرج هارون وأقبل موسى عليهالسلام فالتقيا على شط النيل قبل طلوع الشمس ، فاتفق أنه كان يوم ورود الاسد الماء ، وكان لفرعون اسد تحرسه في غيضة
_________________
(١) في المصدر بعد ذلك : ولا صاحب له ولا شئ اه. م