وتهلكون ، فقالت القبط : فما يعرفكم ربكم إلا بهذه العلامات؟ فقالوا : هكذا أمرنا نبينا ، فاصبحوا وقد طعن أبكار آل فرعون وماتوا كلهم في ليلة واحدة وكانوا سبعين ألفا ، واشتغلوا بدفنهم وبما نالهم من الحزن على المصيبة ، وسرى موسى بقومه متوجهين إلى البحر وهم ستمائة ألف وعشرون ألفا لا يعد فيهم ابن سبعين سنة لكبره ، ولا ابن عشرين سنة لصغره ، وهم المقاتلة سوى الذرية ، وكان موسى عليهالسلام على الساقة ، وهارون على المقدمة ، فلما فرغت القبط من دفن أبكارهم وبلغهم خروج بني إسرائيل قال فرعون : هذا عمل موسى قتلوا أبكارنا من أنفسنا وأموالنا ، ثم خرجوا ولم يرضوا أن ساروا بأنفسهم حتى ذهبوا بأموالنا معهم ، فنادى في قومه كما قال الله سبحانه : « فأرسل فرعون في المدائن حاشرين * إن هؤلاء لشرذمة قليلون * وإنهم لنا لغائظون * وإنا لجميع حاذرون » ثم تبعهم فرعون بجنوده وعلى مقدمته هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف ، كل رجل على حصان وعلى رأسه بيضة وبيده حربة.
وقال ابن جريج : أرسل فرعون في أثر موسى وقومه ألف ألف وخمسمائة ألف ملك مسور(١) مع كل ملك ألف ، ثم خرج فرعون خلفهم في الدهم(٢) وكانوا مائة ألف رجل كل واحد منهم راكبا حصانا أدهم ، فكان في عسكر فرعون مائة ألف حصان أدهم ، وذلك حين طلعت الشمس وأشرقت ، كما قال الله سبحانه « فأتبعوهم مشرقين » فلما تراءى الجمعان ورأت بنو إسرائيل غبار عسكر فرعون قالوا : يا موسى أين ما وعدتنا من النصر والظفر؟ هذا البحر أمامنا ، إن دخلناه غرقنا ، وفرعون خلفنا إن أدركنا قتلنا ، ولقد اوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعدما جئتنا ، فقال موسى : استعينوا(٣) بالله واصبروا إن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ، وقال : عسى ربكم أن يهلك عدوكم و يستخلفكم في الارض فينظر كيف تعملون.(٤)
قالوا : فلما انتهى موسى عليهالسلام إلى البحر هاجت الريح ترمي بموج كالجبال ،
_________________
(١) ملك مسور : مسود قدير.
(٢) الدهم : العدد الكثير.
(٣) في المصدر : فقال موسى لقومه : يا قوم استعينوا اه. م
(٤) العرائس : ١٢٣. م