تصريف نفسي في طاعتك « وأخي » أي وأخي كذلك لا يملك إلا نفسه ، أو لا أملك أيضا إلا أخي لانه يجيبني إذا دعوت « فافرق » أي فافصل « بيننا » وبينهم بحكمك فإنها « أي الارض المقدسة « محرمة عليهم » تحريم منع ، وقيل : تحريم تعبد « يتيهون » أي يتحيرون في المسافة التي بينهم وبينها لا يهتدون إلى الخروج منها. وقال أكثر المفسرين : إن موسى وهارون كانا معهم في التيه ، وقيل : لم يكونا فيه لان التيه عذاب وعذبوا عن كل يوم عبدوا فيه العجل سنة ، والانبياء لا يعذبون ، قال الزجاج إن كانا في التيه فجائز أن يكون الله سهل عليهما ذلك ، كما سهل على إبراهيم النار فجعلها عليه بردا وسلاما. ومتى قيل : كيف يجوز على عقلاء كثيرين أن يسيروا في فراسخ يسيرة فلا يهتدوا للخروج منها؟ فالجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن يكون ذلك بأن تحول الارض التي هم عليها إذا ناموا وردوا إلى المكان الذي ابتدؤوا منه.
والآخر أن يكون بالاسباب المانعة عن الخروج عنها ، إما بأن تمحى العلامات التي يستدل بها ، أو بأن يلقى شبه بعضها على بعض ، ويكون ذلك معجزا خارقا للعادة.
وقال قتادة : لم يدخل بلد الحبارين أحد من القوم إلا يوشع وكالب بعد موت موسى بشهرين ، وإنما دخلها أولادهم معهما « فلا تأس على القوم الفاسقين » أي لا تحزن على هلاكهم لفسقهم. (١)
« يعكفون على أصنام لهم » أي يقبلون عليها ، ملازمين لها ، مقيمين عندها يعبدونها ، قال قتادة : كان اولئك القوم من لخم(٢) وكانوا نزولا بالرقة.(٣) وقال ابن جريح : كانت تماثيل بقر(٤) وذلك أول شأن العجل « إنكم قوم تجهلون »
_________________
(١) مجمع البيان ٣ : ١٧٨ ـ ١٨٢.
(٢) اسم لخم مالك بن عدى بن الحارث بن مرة بن ادد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سأبن يشجب ين يعرب بن قحطان.
(٣) الرقة بفتح أوله وثانيه وتشديده مدينة مشهورة على الفرات ، معدودة في بلاد الجزيرة.
(٤) وقيل : وكانوا يعبدون المشترى ويحجون إلى صنم في مشارف الشام يقال له الاقيصر.