« جسدا » أي مجسدا لا روح فيه ، وقيل : لحما ودما « له خوار » أي صوت ، وفي كيفية خوار العجل مع أنه مصوغ من ذهب خلاف ، فقيل : أخذ السامري قبضة من تراب أثر فرس جبرئيل عليهالسلام يوم قطع البحر فقذف ذلك التراب في فم العجل فتحول لحما و ودما وكان ذلك معتادا غير خارق للعادة ، وجاز أن يفعل الله ذلك بمجرى العادة ، وقيل : إنه احتال بإدخال الريح كما تعمل هذه الآلات التي تصوت بالحيل « إنه لا يكلمهم » بما يجدي عليهم نفعا أو يدفع عنهم ضررا(١) « ولا يهديهم سبيلا » أي لا يهديهم إلى خير ليأتوه ، ولا إلى شر ليجتنبوه « اتخذوه » أي إلها.(٢)
« ولما سقط في أيديهم » (٣) قال البيضاوي : أي اشتد ندمهم ، فإن النادم المتحسر يعض يده غما فتصير يده مسقوطا فيها « وألقى الالواح » طرحها من شدة الغضب وفرط الزجر حمية للدين.(٤)
وقال الطبرسي : روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : يرحم الله أخي موسى ، ليس المخبر كالمعاين ، لقد أخبره الله بفتنة قومه وقد عرفت أن ما أخبره ربه حق ، وإنه على ذلك لمتمسك بما في يديه ، فرجع إلى قومه ورآهم فغضب وألقى الالواح. « استضعفوني » أي اتخذوني ضعيفا « وكادوا يقتلونني » أي هموا بقتلي « فلا تشمت بي الاعداء » أي لا تسرهم بأن تفعل ما يوهم ظاهره خلاف التعظيم « مع القوم الظالمين » أي مع عبدة العجل ومن جملتهم في إظهار الغضب والموجدة(٥) « وذلة في الحيوة الدنيا » أي صغر النفس والمهانة ،
_________________
(١) ويمكن أن يكون المعنى : أو لم يروا أنه لا ينطق كاحاد البشر ولا يتفوه بكلام بل يخرج منه صوت البقر فقط فكيف يكون هذا خالقا وهو أعجز من اضعف المخلوقين؟.
(٢) مجمع البيان ٤ : ٤٨.
(٣) انوار التنزيل ١ : ١٧٢ و ١٧٤.
(٣) قال السيد الرضى قدس الله روحه : هذه استعارة ولا شئ على الحقيقة هناك سقط في ايديهم ، ويقال : أسقط يديه وسقط في يديه بمعنى واحد ، وذلك عندما يصيب الانسان من الابلاس لتروق البلاء وغلبة الاعداء ، وربما قيل ذلك للنادم على فعل الشئ إذا وجد غب مضرته ووخيم عاقبته ، والمعنى أن الامر المخوف حصل في أيديهم من مجنى ثمرة معاصيهم فوجدوه وجدان من هو في يده إذ كانت أيديهم في مكروهه.
(٤) أنوار التنزيل ١ : ١٧٣ و ١٧٤.
(٥) الموجدة : الغضب.